الإمام الحسين والمفهوم القرآني/ عباس علي مراد

يقول شكسبير في مسرحيته هاملت: "طوبى للذين امتزجت فيهم نار الدم برجاحة العقل.."
هل يستوي الحق والباطل، هل يستوي الخير والشر، هل يستوي الكفر والإيمان، هل يستوي الصدق والرياء، هل يستوي الظلم والعدل، هل يستوي الأعمى والبصير…؟؟
لقد كرّم الله الإمام الحسين بالإسلام، وكرّم الإسلام بالإمام الحسين الذي كان على دراية بمسؤوليته أمام الله والعباد. فلما طغى الشر والفسق والكفر، النفاق والظلم، كانت صرخة الحسين ووقفته، حين رفض بيعة يزيد قائلاً: لا والله لا اعطيكم إعطاء الذليل، ولا أقرّ لكم إقرار العبيد. وقد اقرن الامام الحسين القول بالفعل وكانت كربلاء ثورة العزة والكرامة…
لقد شكّل القرآن الكريم للإمام الحسين مرجعية خلقية عظيمة، جعلت إيمانه راسخاً كالجبال، وأرست في نفسه حسّ المسؤولية تجاه الحياة والعقيدة الإسلامية والكرامة الإنسانية، لأنها تُدخِل إلى نفسه الطمأنينة التي تتحقق بإيمانه، لأنها التفسير الحقيقي لما يفهمه عن علاقته بالكتاب الكريم الذي ارتبط بوجدان الحسين.
يقول الله سبحانه وتعالى في سورة الكهف الأية 46: "الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَاباً وَخَيْرٌ أَمَلاً"
ويقول أيضاً: "وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا "  سورة الإسراء الأية 70
الإمام الحسين الذي يدرك أبعاد الأيات ومعانيها كان يدرك أن القول والعمل الصالح أبقى في الدنيا والأخرة، فلذلك ولم يتوانى ولم تهن عزيمته، لأنه يعرف كيف يحافظ على الأمانة والكرامة الإنسانية ويرعى العهد عملاً بالنص القرآني "والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون" أو قوله تعالى: "إلا عبادك منهم المُخْلَصون" ونحن نعرف إن سليل بيت النبوّة لا يمكن أن يتخلّق إلا بأخلاق أبيه وجده النبيّ المصطفى الذي أُرسل ليتمم مكارم الأخلاق، وهذا ما زرعه الإمام الحسين في ذريته وشيعته من بعده، حيث نرى الإمام الصادق (ع) يقول: " إن الله فوّض إلى المؤمن أمره كله ولم يفوّض له أن يكون ذليلاً…"  وهنا تقع علينا مسؤولية الحفاظ على هذا الإرث الإنساني الإسلامي المحمديّ الحسينيّ من خلال ترويض النفس الإمارة بالسوء لنستطيع التصدّي لمغريات الحياة الدنيا والوقوف بوجه التشويه والتحريف التكفيري الذي يطال الإسلام ويمارسه يزيد العصر داعش وأمثاله، ولا يخدم إلا أعداء الأمة الإسلامية، وقدوتنا في ذلك إمام الشهداء والتضحية الحسين بن علي عليه السلام.
أيها الحر السعيد
عن نهجك لن نحيد
منزلتك في القلب أبداً  
دائماً يا رمزنا الشهيد
يا راية الحق الخفاقة  
وقدوة الأحرار والعميد
آه حسين، يا منارةً
 أضاءت على الحق ولم تزل
شيمتك الإيمان
لم ترضَ ذلّة ولا هوان
دليلك عقيدة سمحة وقرآن
التاريخ على إمامتك يشهد
في دينك، في دنياك
في تضحياتك التي بها لم تبخلِ
وعن الكلفة لم تسألِ
 يزيد وصحبه مضوا في غيّهم
والباطل دليلهم
مضيت لإحقاق الحق
لا إشراً ولا بطراً
 دليلك الفكر السديد
ولم تغوِك دنيا وعيش رغيد
  ستبقى ذكراك رغم السنين
ضياءً ينير طريق المؤمنين
  حتى سماحة الاسلام نستعيد
  ( وهيهات منا الذلة).
القيت في مسجد  فاطمة الزهراء (ع) سدني  في ذكرى عاشوراء 2016  (1438ه)

CONVERSATION

0 comments:

إرسال تعليق