عِمامةُ جدّتي السوداء/ كريم عبدالله

أتذكرُ بـ وعّيٍ عمييييييقٍ كلّما يداهمها النعاس ( علـﭻ الميّ المرّ )* ينامُ بهدوءٍ مسترخياً يحتضنهُ أخدودٌ عريض يتربعُ أعلى سريرها الحديدي الملوّنَ كألونِ السماء يرنو لوسادتها الريشيّة تغرقها وحشةُ الخريف الأخير دائماً يحرسُ أحلامها المعشعشة ثلجُ الشيخوخةِ تودُّ كنوزها المجففةِ أنْ تهربَ بعيداً عنْ عمامتها الكبيرة تستلُّ ظلَّ الاساطير المظلمةِ مِنْ مصانعِ الذاكرةِ الشائهة وبينَ يديها المرتجفتين يستيقظُ ُ خوفنا البريء يهيمُ مندهشاً في أزقّتها الخرافية . بحريّةٍ شفّافةٍ تسوقنا كالحملانِ الوديعةِ نتسولُ مشغوفينَ في قواميسها الكثيرة وبالابرِ المختبئة في طيّاتها تواجهُ ( الطنطل )* كلّما ينفخُ في عيوننا الصغيرة رمادَ المدنِ الزانيةِ تنفخُ مِنْ منخريها حروباُ نتموجُ في أتونها نتسابقُ معَ الأيامِ لنحملَ السلاحَ فــ نكبرُ معَ الحزنِ ينضجُ كشعرها المبيّضَ ينهمرُ وجعاً مِنَ العيونِ المفخورةِ بالضباب  . ( محملها )* الخشبيّ تحرسهُ ( بنتُ المعيدي )* تكنزُ الزمنَ ألواحهُ المتشققةِ الباهتة تخبيءُ عشقها في خاناتهِ المبتورةِ تتعطرُ بــ القرنفل كلّ ليلةٍ تنهمرُ مراثيها على وطنٍ تناهبتهُ ( الدلّالات والدو.... )* تجمعُ بعضَ ملامحهِ الراعشة شكوكٌ تفركُ عينيها الزرقاوتين الهرمتين  تنفقُ الكثيرَ مِنَ البصيرةِ تغرقنا الهاوية ويزدادُ الشقاء وتنكمشُ الينابيع تحتَ قدميها بعدما مرَّ هذا القيظ يحبسُ المطر النحيل  نمشي صامتينَ تحتَ عباءتها الكالحة يلفّنا قلقٌ مجهول ...

علـﭻ الميّ المرّ : نوع من العلكة يكون طعمه مرّ .
الطنطل :  كائن اسطوري متحول يتلبس في اي شكل إنسان حيوان او جماد يخرج في الليل وكان العرب قديما يخافون منه والاسم ماخوذ من الاساطير السومريه في العراق .
المحمل : خزامة خشبية .
بنتُ المعيدي : منذ ثلاثينيات القرن الماضي وحتى سبعينياته ، ظلت تلعب لوحة (بنت المعيدي) دورا جماليا وثقافيا مدهشا في مخيلة العراقيين -
بغداد / العراق

CONVERSATION

0 comments:

إرسال تعليق