النَمِرُ والحجرُ/ د. عدنان الظاهر

 ( إلى الشيخ الخالد نَمِر النمر )
حَجرٌ أسودُ مجدورُ
أسقطهُ نَجمٌ مأزومٌ مغرورُ 
شقَّ الأرضَ الرملاءَ العطشى
فتفجّرَ بئرا 
في وادٍ صخريٍّ مهجورِ
لا مِنْ ضِرْعٍ أو زَرْعِ
ما كانتْ زَمْزمُ تَسقي أو تُسقى 
عَبدتهُ أقوامٌ بادتْ كادتْ
تتَضرعُ تنحرُ نُوقا 
تحرقُ كافوراً ورحيقاً مختوما
مِسكاً وعطورا
أجسادَ شِواءٍ في النارِ
للحَجرِ الأسودِ قُربانا
يتمايلُ من طَرَبٍ في سِلْمٍ أو حرْبِ
جَسَداً يتشكّلُ تكعيبا 
يقرأُ أشعاراً فوقَ الجُدرانِ شريطاً مرئيّا
 تُستنسَخُ تعليقا 
حتّى فارَ التنّورُ وجاءَ السيلُ عَرَمرمَ مسعورا
يجرفُ أفيالاً تتقدّمُ أحباشاً سودا
فانقضَّ الطيرُ أبابيلا
تمطرُهمْ أحجاراً  سِجّيلا  
( جعَلَتهمْ عَصْفاً مأكولا )
سادَ الصمْتُ رهيبا
ليلٌ يمخُرهُ مِسمارٌ مِسبارُ
الكوثرُ في زَمْزمَ طينُ
نَمِرٌ يرميهِ في بئرٍ ذيبُ
تخطفُ شاراتُ الأحجارِ السودِ
تتقفّاها آثارُ سقوطِ الزلزالِ شِهابا
ذا ذَنَبٍ مرجومٍ 
الكونُ سقيمُ
يتأبطُ عُكّازاً من قَصبِ الأهوارِ
تخنُقهُ أفعى
سبعونَ ذِراعاً طولا
فمتى يومُ الدينونةِ يأتي
ومتى تنفتحُ الأبوابُ حشودا
للضجّةِ في جلْبةِ مفخورِالصلصالِ 
جُنْدُ السَرمدِ أحداقٌ حُمْرُ
قُضبانٌ تتوهّجُ من نارِ جَمْرا
علَّ الذكرى تنفعُ في يومِ الحَشْرِ
يتساوى فيها الناسِكُ والكافرُ والساقطُ في بئرٍ والعاصي
طارُ الفيلُ وحطَّ الباشقُ " جبريلُ "
يحملُ في غارٍ قنديلا
للنورِ يُرتّلُ آياتٍ ترتيلا
هذا السيّدُ مخبولٌ ... قالوا
يتكهنُ مسحورا
معزولٌ منبوذٌ مطرودُ
يرطنُ بالفُصحى شِعراً مُوحى
لم يسمعْهُ بشرٌ قَبْلا
هذا السيّدُ مسكونُ
مِزواجٌ مجنونُ
عاليهِ أسفلَ من دكّةِ أَرْمَلةٍ جاوزت الخمسينا
تبغي بَعْلا  ... قالتْ :
ما طارَ الحجرُ الأسوَدُ ما طارَ الفيلُ
الكونُ كيانٌ من حجرٍ أسودَ يسقطُ مقتولا
صَرْحٌ يتهاوى بُنيانا
البرجُ العالي والسورُ  عويلُ
" نَمِرٌ " في القبضةِ والساحةُ تكبيرُ
يطرحُ كِلْكامشُ أنكيدو أرْضا 
عِشتارُ تنادي وا يا " إنليلُ "
نَمِرُ الأحساءِ قتيلُ
الحجرُ الأسودُ مخنوقٌ مشلولُ
يتدلّى في حبلٍ من نارِ
سومرُ غرقى
في سُمِّ أفاعي قَصَبِ الأهوارِ .

CONVERSATION

0 comments:

إرسال تعليق