البحث في المبادىْ الأولى/ د. أحمد محمد المزعنن

أ : تقديم :
في ضوء حالة الوهن القومي التي يتخبط فيها العالم العربي ،وفي الحالة المأساوية التي وجدت فيها شعوب الأمة نفسها متورطة في وحلها ،وما خلفته الحالة المزرية التي ورط فيها الأعداء في الداخل والخارج مكونات تلك الأمة ،ومرروها عليها تحت اسم الربيع العربي ، في مواجهة هذه الموجة العاتية من إعادة أسرها وتكبيلها يجد المرء ملاذًا فكريًا في التذكير بالمبادىْ الأولى التي كانت أمتنا أمينة عليها .
نستذكر ونراجع أولاً تلك المبادىْ ونحصرها حصرًا منطقيًا يعتمد على الاستقراء الناقص الذي يعتبر طريقة علمية معترفًا بها في مجال البحث العلمي ،ثم نقدم تطبيقًا نموذجيًا على تلك المبادىْ . 
نرفع بذلك راية الحق الأزلي في وجه الباطل اليهودي والأمريكي الطارىء ، وفي وجه كل من ينحاز إلى اليهود المحتلين الغاصبين البغاة ،أو يحسن منهجهم ،أو يحمي أمنهم ،أو يشك لحظة في ضرورة مقاومتهم ، أو يتبادر إلى ذهنه ،ولو للحظة أن السلام معهم ممكن في الحال التي هم عليها من العدوان والإجرام والظلم والاحتلال وتزييف الحقائق ، والتلاعب بثوابت التاريخ الإنساني ، وفي عصر التنوير الحالي فإنه من المستحيل إخفاء الأطراف التي استهواها التطبيع مع اليهود ، وهرولت نحو اليهود فخاب سعيهم ، وانتكسوا .
ب: المبادىْ الأولى التي ينبغي أن تُحاكم في ضوئها كل قضية معرفية أو وجودية هي :
1.    الإلهي مقدم على البشري
2.    الأَوَليُّ مقدم على الثانوي
3.    البسيط مقدم على المركب
4.    الفطري مقدم على المكتسب
5.    البَدَهي مقدم على البُرهاني
6.    المُثبت مقدم على النافي
7.    البرهاني الاستدلالي مقدم على العرضي والصدفة
8.    القديم مقدم على الحديث أو الجديد
9.    اليقيني مقدم على الظني
10.    الأصلي مقدم على الفرعي
11.          النُظمي مقدم على العفوي
12.       الثابت مقدم على المتغير
13.       الدائم مقدم على المؤقت
14.       الكليُّ مقدم على الجُزئي.
15.       الضروريُّ مقدمٌ على الحاجيِّ والتحسينيِّ.
16.       الأصيل مقدم على الطارىء أو الاستثنائي
17.      العام مقدم على الخاص

ج : تطبيق معرفي
التطبيق على الحالة الفلسطينية
أولاً: الإلهي مقدم على البشري. الإلهي ليس من منطلق مطلق الألوهية ، ولكن من منطلق مصدرية كل ما قرره الله سبحانه وتعالى بما يتصف به سبحانه وتعالى من صفات الكمال وأسماء العظمة والجلال التي وصف الله بها نفسه على الحقيقة في القرآن الكريم ،ووصفه بها رسوله محمد صلى الله عليه وسلم في الحديث الشريف .
وهذا المبدأ يعمل بداهة في الحالة الفلسطينية على سبيل المثال،فالأرض المقدسة فلسطين مذكورة في القرآن الكريم أصح الكتب السماوية والناسخ لما قبله من الشرائع،ومذكورة نصًا في السنة النبوية المشرفة وفي سير الصحابة رضوان الله عليهم من خلال التجارب الإنسانية قبل الإسلام وبعده،والفساد اليهودي من القضايا الأساسية في مصادر الإسلام الثقافي،والتحذير من هؤلاء المفسدين الإفساديين المحرفين للنصوص ودلالاتها وللحقائق والحق ومستلزماته .

التحديد المعرفي لفلسطين في القرآن والسنة :
(أ‌)               في القرآن الكريم :
·       (يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الأَرْضَ المُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللّهُ لَكُمْ وَلاَ تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنقَلِبُوا خَاسِرِينَ)(المائدة  21)
·       (وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُواْ يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَآئِيلَ بِمَا صَبَرُواْ وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُواْ يَعْرِشُونَ )(الأعراف 137)
·       وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطًا إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ)(الأنبياء 71)
·       وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ عَاصِفَةً تَجْرِي بِأَمْرِهِ إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَكُنَّا بِكُلِّ شَيْءٍ عَالِمِينَ.)(الأنبياء 81 )
·       وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا قُرًى ظَاهِرَةً وَقَدَّرْنَا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّامًا آمِنِينَ.)(سورة سبأ 18 )
(ب‌)         في السنة المشرفة
 عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تشدوا الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجدي هذا والمسجد الأقصى".[البخاري، ومسلم.
عن أنس أن رسول الله قال: "أتيت بالبراق فركبته حتى أتيت بيت المقدس فربـطـته بالحلقة التي يربط فيها الأنبياء ثم دخلت المسجد فصليت فيه ركعتين، ثم عـرج بي إلى السماء".مسلم
عن جنادة بن أبي أمية الأزدي قال: "ذهبت أنا ورجل من الأنصار إلى رجل من أصحاب النبي فقلنا حدثنا ما سمعت من رسول الله يذكر في الدجال، فذكر الحديث وفيه "علامته يمكث في الأرض أربعين صباحا، يبلغ سلطانه كل منهل، لا يأتي أربعة مساجد: الكعبة ومسجد الرسول، والمسجد الأقصى والطور". رواه الإمام أحمد.
 عن عبد الله بن عمر عن النبي قال: "لما فرغ سليمان بن داود من بناء بيت المقدس سأل الله خلالا ثلاثا: حكما يصادف حكمة، وملكا لا ينبغي لأحد من بعده، وألا يأتي هذا المسجد أحد لا يريد إلا الصلاة فيه؛ إلا خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه". فقال رسول الله : "أما اثنتان فقد أعطيهما، وأرجو أن يكون قد أعطي لثالثة".  أحمد والهيثمي
عن ميمونة مولاة النبي صلى الله عليه وسلم قالت: "قلت يا رسول الله: أفتنا في بيت المقدس"، قال: "أرض المحشر والمنشر، ائتوه فصلوا فيه، فإن صلاة فيه كألف صلاة في غيره، قلت: أرأيت إن لم أستطع أن أتحمل إليه؟ قال: فتهدي له زيتا يسرج فيه، فمن فعل فهو كمن أتاه".[أحمد وأبو داود
عن ذي الأصابع قال: قلت يا رسول الله: "إن ابتلينا بعدك بالبقاء أين تأمرنا؟ قال: "عليك ببيت المقدس، فلعله ينشأ لك ذرية يغدون إلى ذاك المسجد ويروحون  ".أحمد ، والهيثمي.
عن أبي ذر أن رسول الله قال له: "يا أبا ذر كيف تصنع إن أخرجت من المدينة؟ قال: قلت إلى السعة والدعة، أنطلق حتى أكون من حمام مكة، قال: كيف تصنع إن أخرجت من مكة؟ قال: قلت إلى السعة والدعة إلى الشام والأرض المقدسة، قال: وكيف تصنع إن أخرجت من الشام؟ قال: قلت والذي بعثك بالحق أضع سيفي على عاتقي".أحمد، والهيثمي
عن أبي هريرة عن النبي قال: "لا تزال عصابة من أمتي يقاتلون على أبواب دمشق وما حوله، وعلى أبواب بيت المقدس وما حوله، لا يضرهم من خذلهم ظاهرين على الحق - إلى أن تقوم الساعة".  أبو يعلى
عن أبي الدرداء قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "بينما أنا نائم إذ رأيت عمود الكتاب احتمل من تحت رأسـي، فظننت أنه مذهوب به، فأتبعـته بصري، فعمد به إلى الشـام، ألا وإن الإيمان حين تقع الفتن بالشام". أحمد، والهيثمي
عن أبي حوالة الأزدي قال: وضع رسول الله يده على رأسي أو على هامتي ثم قال: "يا ابن حوالة: إذا رأيت الخلافة قد نزلت الأرض المقدسة، فقد دنت الزلازل والبلايا والأمور والعظام، والساعة يومئذ أقرب إلى الناس من يدي هذه من رأسك". أحمد وأبو داود والحاكم
عن عوف بن مالك قال أتيت النبي في غزوة تبوك وهو في قبة من آدم فقال: "أعدد ستاً بين يدي الساعة: موتى ثم فتح بيت المقدس ثم موتان يأخذ فيكم كقعاص الغنم ثم استفاضة المال حتى يعطى الرجل مائة دينار فيظل ساخطاً ثم فتنة لا يبقى بيت من العرب إلا دخلته ثم هدنة تكون بينكم وبين بني الأصفر فيغدرون فيأتونكم تحت ثمانين غاية تحت كل غاية اثنا عشر ألفاً ". رواه البخاري
قال : "عليكم بالشام فإنها صفوة بلاد الله، يسكنها خيرته من خلقه، فمن أبى فليحلق بيمنه، وليسق من غدره، فإن الله تكفل لي بالشام وأهله". صحيح الجامع الصغير للألباني
قال : "إذا فسد أهل الشام فلا خير فيكم، لا تزال طائفة من أمتي منصورين لا يضرهم من خذلهم حتى تقوم الساعة". صححه الألباني.
- كلام رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم مخاطبًا أسامة ابن زيد بن حارثة ، رضي الله عنهما ، عندما وجهه في مرض موته ـ  صلى الله عليه وسلم ـ على رأس جيش ليغزو قتلة أبيه ويأخذ بثأره :" قال ابن إسحاق (صاحب رواية) سيرة النبي صلى الله عليه وسلم لابن هشام :ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم على الناس بعثا إلى الشام ، وأمَّر عليهم أسامة بن زيد بن حارثة مولاه،أمره أن يوطيء الخيل تخوم البلقاء والداروم من أرض فلسطين ، فتجهز الناس ، وأوعب مع أسامة بن زيد المهاجرون والأنصار الأولون ؛ ليأخذ بثأر أبيه الذي كان قد استشهد في غزوة مؤتة " (المصدر: السهيلي ، الروض الأونف في تفسير السيرة النبوية لابن هشام ، الجزء الرابع ، صفحة 232 : بعث أسامة بن زيد إلى أرض فلسطين ).
البلقاء والداروم الموجودة شرقي النهر في الأردن حاليًا ، وهما بنص الحديث جزء (من) أرض فلسطين ؟! ،ويسمي أهل اللغة حرف(مِنْ) هذه بالتبعيضية أي التي تفيد بعض الشيء أي بعض أرض فلسطين التاريخية المعرفة في القرآن الكريم والحديث النبوي الشريف .

ثانيًا : الأَوَليُّ مقدم على الثانوي.الأوليُّ فلسطين وأسبقيتها الثقافية والإثنية والدينية والقومية والجغرافية أمور مقررة ثابتة لا يجادل فيها عاقل ،ومعترف بها إنسانيًا ولا يقلل من قيمة وزنها ما طرأ عليها من ظروف مؤقتة،ولن يكون في إمكان البشر تغيير ما أراده الله وقدره وقرره، ولا يطيقون ،إلا أن يحل الغضب والنقمة على أواخرهم،كما وقع على أوائلهم.

ثالثًا : البسيط مقدم على المركب.البسيط هو الحق الفطري للإنسان في وطنه ووطن آبائه وأجداده،إن جريمة اغتصاب الوطن:أرض وماء وسماء جريمة ثقيلة تقاس جسامتها وعقوبتها بثقل الجرم الذي اقترفه هؤلاء اليهود،وتزداد تبعاته الإجرامية بتحميلهم كل آلام الشعب الفلسطيني الأبي الكريم البطل المجاهد ،وإلزامهم بكل ما جنته أيديهم من السلب والنهب والاغتصاب منذ ظهور هذا الكيان الإجرامي المغتصَب على أرض الشعب صاحب الحق،إن الفطري خفيف طاهر ، ومزيف الفطرة ثقيل مثقل بتبعات الإجرام .

رابعًا : الفطري مقدم على المكتسب.والفطرة هي حال الخلق الأول ، وكل شىء فطري أصل من أصول الوجود، فكل القوى والقواعد والقوانين الفطرية وما يطلق عليه السنن والنواميس لها قوة الوجود في السابق المقدم في تحقيق الإنية والغيرية الوجودية ،والمكتسب يعتمد اعتمادًا ضروريًا على الفطري ،وإذا افتقر المكتسب لشروط الفطرة فسد وجوده ،وتقوضت شروط هذا الوجود.

خامسًا : البَدَهي مقدم على البُرهاني.لأن البدهيات والمسلمات والعناصر الأولية للمعرفة تمتلك في ذاتها شروط وجودها،وقوة فرضها كحقائق وبراهين أولية تعبر عن الوجود الصحيح الخالص الذي لا يقبل العبث،ولا يستجيب للزيف والتزوير،ويأبى التلاعب بالنواميس الثابتة،والبدهي اقتصادي يوفر الجهد ويستجيب بسهولة للتشكل والتطور.

سادسًا : المُثبت مقدم على النافي: فمن يقدم الدليل على إثبات حقيقة ما أو وضع ما من الأوضاع الفيزيائية والفكرية يقدم بالضرورة على النافي الذي يستخدم قواعد الجدل، وعندما يسوق الأدلة على بطلان نفي حقيقة أو وضع ثابت يمتلك الشروط الصحيحة اللازمة للوجود،هذا النافي يتأخر في المنزلة عن المثبت المؤكد لقوة الدليل وقدرته على وجوب التصديق.

سابعًا : البرهاني الاستدلالي مقدم على العرضي والصدفة:والبرهان الأقوى هو الذي يستند إلى المسلمات العقلية،ومن المسلمات التي لا تقبل البرهان أن فلسطين كانت سابقة على اليهود والإجرام اليهودي،فهؤلاء المجرمون اليهود الذي نجحوا مرحليًا في إنشاء الكيان الإجرامي بطبيعته المدنية والعسكرية يشكلون وقائع طارئة عرضية لن تلبث أن تتبدد عندما تعمل العوامل الموضوعية في المكان،وتعيد فرض مسلمات الزمان.   

ثامنًا : القديم مقدم على الحديث أو الجديد. لا من حيث الحال الزمني،بل من حيث الأسبقية والمناسبة لمتقتضيات بقية الأصول،والقديم في هذه الحالة هي فلسطين وشعبها واسمها وكينونتها الوجودية التي لا تحتاج إلى إثبات وتعريف ،فهي فكرة ومكون أزلي بالقياس إلى غالبية الكيانات الحضارية ولاثقافية في التاريخ والتجارب الإنسانية ،وغتي عن البيان أنها أبق من الكيان الإجرامي اليهودي الشاذ إسانيًا وحضاريًا ،وهذه قاعدة أصولية وقانونية مسلمٌ بصحتها واحترامها.

تاسعًا : اليقيني مقدم على الظني.اليقيني في الحالة الفلسطينية(الأرض المقدسة)مستندة إلى العلم الضروري الذي يؤسس له ويدعمه العلم الإلهي في كتاب الله وسنة رسوله والمصادر التاريخية والعلمية المحترمة التي قامت عليها الحضارة الإنسانية عبر العصور ،وهي أولى بالاتباع في عصور التوثيق والتنوير،والعلم التجريبي الذي يرقى أحيانًا إلى درجة عالية من اليقين في إثبات السببية أو العلية العلمية الضرورية.

عاشرًا : الأصلي مقدم على الفرعي.الأصلي هو اتصال اليابس العربي،وتماسك كيانه الجغرافي،ووحدة الجنس العربي،والوحدة الموضوعية للغالبية العظمى لسكان هذه الإقليم الممتد بين الخليج والمحيط،وتجد هذه المبدأ أكثر وأوضح عملاً وتفعيلاً عند تنقية السلوك العربي من تأثير الانعزالية واعتبارات القطرية،وتنقية الفكر والسلوك من اعتبارات الجاهلية ومقتضيات المصالح المادية والقطرية والفئوية والطائفية،ويكون أكثر تماسكًا وشجاعةً عند العلماء الربانيين الحقيقيين،وأكثر إفصاحًا عند أحرار المثقفين والفنانين والرياضيين وبعض القادة ومن يتصفون بالزعامة والريادة والقيادة الحقيقية لجماهير الأمة المتطلعة إلى الوحدة والقوة وتمثل الكيان الحلافظ للهيبة والمكانة اللائقة بها بين الأمم.

حادي عشر : النُظمي مقدم على العفوي:الطبيعة الأساسية لغالبية هذه المبادىء هي النظمية والتراتبية والتماسك الذاتي والموضوعي لتوفر شروط القوة الذاتية فيها،فهي مقدمة على كل طارىء عشوائي،والنظمية في الحالة الفلسطينية تتجلى بأوضح ما يمكن في تناسق تكوينها الجيوفيزيقي والجيومورفولوجي والجيوبوليتيكي الذي أصابه الخلل والاضطراب الشديد بعد اقتطاعه من أصله الطبيعي وفي العبث المخل بالتناسق الذي حاول تقسيم شعبها الذي حافظ على وحدته وتماسكه وتضامنه وتميزه رغم كل عمليات التذويب والتشويه الذاتية والموضوعية الخارجية والداخلية.

ثاني عشر : الثابت مقدم على المتغير.لأن التغير يأتي بعد لالثبات وبالنسبة إليه ، فلا يعرف المتغير أنه وقع حت يكون ثابتًا في الأص، والثابت الذي لا مراء فيه هو أن الأرض المقدسة باقية،ولن يضيرها إن شاء الله تسلط الطغاة،أو ظهور أمر العملاء والجواسيس،ولا السيطرة الظاهرية لمظاهر الوهن والتخاذل،والمتغيرات الزائلة المتقلبة هي ما عداها.

ثالث عشر : الدائم مقدم على المؤقت.الدائم هو الحقائق التاريخية وما تواترت عليه البشرية في تراثها المعرفي العام،فهي لا تعرف إلا فلسطين في التاريخ والتجارب الإنسانية،ومن المستحيل محو اسمها،ما دام فينا عرق ينبض بالحياة،والمؤقت هو الكيان اليهودي الإجرامي العنصري في الشريط الساحلي لهذه البلاد الطاهرة،وهو زائل طال الزمان أو قصر،والأمر منوط بإصرار شعبها وحيوته وتجدد طاقاته،ودوام إصراره على التمسك بوطنه وبحقه فيه،ومصادر الإسناد القومي والديني التي تتفجر حاليًا أحداثًا لن تلبث حتى تتموضع وتصبح ظواهر ثابتة تفرض وجودها على الواقع.

رابع عشر : الكليُّ مقدم على الجُزئي.والكلي المقدم على الجزئي هو مجموعة القيم والمثل العليا التي كافحت الإنسانية طوال تاريخها من أجل تثبيتها والإصرار على بقائها،مثل حق الحياة وحرية التنقل والعمل،وحق التعبير،وحق التفكير الحر،والإبداع وقيم الحق والخير والجمال ،وكلها مضادة للسلوك الإجرامي الإفسادي اليهودي الحالي المحتل لفلسطين،وفي سلوك كل جواسيس أوسلو وعملاء سلطة العار في رام الله،ومن انجرف وراءهم من الهابطين وناقصي الأهلية من المنتسبين زورًا وبهتانًا إلى الشعب الفلسطيني البطل.

خامس عشر : الضروريُّ مقدمٌ على الحاجيِّ والتحسينيِّ.الضروري هو ما يبني الحياة ويصون المصالح الإنسانية المشتركة بين جميع البشر،وهو ما يتصادم مع الفكر والسلوك الإجرامي اليهودي الذي يدمر الحياة،ويحاصر الأبرياء ويمنع عنهم أسباب الحياة،وهذا كله إن شاء الله سيعجل بالتدمير الذاتي والموضوعي لهذا الكيان الإجرامي.

سادس عشر : الأصيل مقدم على الطارىء أو الاستثنائي.الأصيل هو فلسطين،وشعب فلسطين،وجبال فلسطين،وهواء فلسطين وموقع فلسطين،ودين الإسلام الذي عاشت فلسطين في حماه بكل ما تمثله من القداسة والبركة والخير للإنسانية،ولأصحاب الديانات الثلاث ،ولكل إنسان حر كريم ينشد الحق والخير والجمال،والاستثنائي الغريب الطارىء هو الكيان اليهودي الإجرامي الذي أقامه الصهاينة بمساندة القوى الاستعمارية،ولا تزال تحميه وتدعمه.
وآخر ما شهدناه من المهازل ما قام به الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من إعلانه الاعتراف باعتبار القدس عاصمة لدولة اليهود ،وحثه وزارة خارجيته على نقل سفارة بلاده إليها متجاهلاً الحقائق التاريخية والإنسانية المتعلقة بالمدينة المقدسة .

سابع عشر : العام مقدم على الخاص:إن إعادة الاعتبار لهذه المبادىء فيه احترام للعقل الإنساني العام،وفيه إنصاف للحقيقة الأزلية التي تفند الباطل اليهودي الصهيوني،وتعطي بعض الأمل بأنه لا يزال في البشر من يرتفع فوق الأعراض الزائلة،وأنه يهمه الانتصار للعدالة التي كانت واحدة من القيم والمثل العليا للإنسانية الساعية أبدًا للإصلاح والأمن والخير والتقدم.
ومن الجدير بالذكر أن هذه المبادىء تحمل صفة العموم ،وقابلة للتعميم على أي قضية إنسانية فردية أو جمعية أو وطنية أو أممية، وتمثل في جوهرها العناصر المشتركة في الفكر والوجود الإنسانييْن ،وضمانة ذلك موجودة في الطبيعة المشتركة في الفطرة الإنسانية ، وفي كون البشر من أصل واحد ،ويترتب على ذلك ابتداءً قابليتها للتجريب والتطبيق.
 هذا ،والله تعالى أعلى وأعلم ،وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .
(  سورة يوسف 21)(  والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.....    )      

CONVERSATION

0 comments:

إرسال تعليق