شاكر فريد حسن يكتب عن ثلاث مبدعات فلسطينيات

د. هيفاء مجادلة باحثة فلسطينية متخصصة في الأدب 

    د.هيفاء مجادلة الطالعة من ثرى باقة الغربية،
 وهي محاضرة أكاديمية في كلية القاسمي ، وباحثة متخصصة في الأدب ، ومثقفة دائمة الاخضرار كأوراق الزيتون . 
معطاءة بلا حدود ، وفي عمقها واتساعها ونشاطها ، وفي اشعاعها الثقافي المتواصل تكاد تشكل ظاهرة فريدة . 
لا تكل عن العطاء ، ولا تنقطع عن الجهد والسعي . تفكر وتكتب وتبدع ، وتسهم في رفد المشهد الثقافي والأدبي ، وتشارك في بلورته وصنعه وصياغته، قدرة والتزاماً.وتعمل على دفع مسيرة الحركة الثقافية والتعليمية الأكاديمية في وطننا الحبيب ، بتقديم ذخيرة غنية تعززها بفكرها وأبحاثها ومحاضراتها القيمة الثرية بالمعلومات . 
أقبلت هيفاء مجادلة منذ صغرها على القراءة ، وصقلت فكرها ووعيها بالغوص في معين وينابيع التراث والفكر الاسلامي والثقافة العربية. فتكونت لديها حصيلة غنية من المعلومات الثقافية والوعي الفكري في مجالات اللغة والأداب ، الأمر الذي مكنها من كتابة الأبحاث حول العديد من الموضوعات .
لمع نجم د. هيفاء مجادلة في سماء البحث،وبين الأوساط الأكاديمية والأدبية من خلال محاضراتها القيمة الهادفة ، ومشاركاتها المتواصلة في الندوات والمؤتمرات والأيام الدراسية في الوطن وخارجه، حيث قدمت الكثير من مصادر الفكر وخلاصة التجربة .
لهيفاء مجادلة كتاب بعنوان " هموم المرأة العربية في أعمال ليلى العثمان " وهو بالأصل رسالة الماجستير التي قدمتها لجامعة تل أبيب باشراف البروفيسور محمود غنايم . 
وترصد الدراسة وتستجلي أهم وأبرز هموم المرأة العربية وهواجسها ومعاناتها الذاتية والشخصية ، كما تجلت في الأعمال الروائية للكاتبة الكويتية ليلى العثمان التي تمت محاكمتها بسبب كتاباتها .
وتركز هيفاء في دراستها على التشكيلات الفنية والتقنيات المختلطة التي تستخدمها للتعبير عن هذه القضايا في محاولة لابراز المدى الذي يمكن عبره استنباط خصوصية لغة المرأة وأسلوبها السردي حيث تعبر عن قضاياها وهمومها الحياة .
يبقى القول ، ان ثقافتنا المحلية والنسغ البحثي يحتاج الى باحثين من طراز د . هيفاء مجادلة ، المسلحة بوعي ثقافي وثقافة واسعة شمولية ، حيث حولت العمر من رقم زمني الى عطاء تعليمي وثقافي وفكري الى ثروة تتنازع بدورها في ثروات التاريخ البحث.انها محاضرة وباحثة بكل المقاييس ، وقد حققت بعضاً من هدفها وحلمها وطموحها الفرح.
فلها خالص التحايا ومزيداً من التألق والعطاء في مجال البحوث والدراسات الأدبية
**
عندما تغضب الشاعرة اسراء محاميد ..!!

اسراء يوسف محاميد شاعرة فحماوية ملتزمة كرست قصائدها للقضايا الوطنية والقومية المصيرية ، وعرفت كيف تشق طريقها نحو التقدم والتطور الفني الدؤوب والابداع الشعري الملتزم العابق برائحة الوطن ، واثبات الذات والحضور في المشهد الشعري الشبابي الراهن .
اسراء محاميد تحاكي الاوزان والبحور العمودية الخليلية الكلاسيكية والايقاع الموسيقي للقصيدة الذي يتماهى مع  روحها الوطنية الثائرة . وهي تتقن فن الصياغة ونسج العبارات والمفردات والتلاعب بالكلمات والالفاظ واستحداث الصور الشعرية غير المألوفة وابتكارها .ولذلك جاءت قصائدها منسابة بكلمات جديدة متماسكة فنياً وتراكيب لغوية جمالية مموسقة واسلوب شاعري متميز بالبوح الصادق.
ومن يقرأ ديوانها يلمس بوضوح أن الأبعاد الوطنية تطغى على قصائدها . فهي تعتز بالهوية وتغني للعودة والارض المغتصبة والوطن الغالي وحجارته وصخوره وترابه وجباله ووديانه وزيتونه وصباره وسنديانه وبحره واطلال قريته المهجرة ومدنه الباقية باهلها وعراقتها وتاريخها الماجد ، وتهتف للشهداء الفلسطينيين الذين جادوا بدمائهم وارواحهم في سبيل الحرية والاستقلال ، وتبكي مع الأم الفلسطينية التي انتظرت ابنها وعاد عاد مستشهداً.
وهي تجيد التعبير عن مدى حبها وعشقها للتراب الوطني المقدس ، وايمانها الذي لا ولن يفتر ، بأن الفجر آت لا محالة في نهاية المطاف بعد ليل طويل حالك ومعتم .
ويمكن ان ما يميز اسراء عن غيرها من الاصوات الشعرية الجديدة هو التزامها الوطني وتركيزها على العام والهموم الوطنية لشعبنا وجماهيرنا الباقية ، وجل كتاباتها هي هتافات للوطن واهازيج للارض الفلسطينية المغتصبة.
اننا نلمس ونستشف في نصوص اسراء محاميد الغضب الحقيقي الممتلئ بالمرارة المتأجج في صدرها وحنايها ، الرامي والهادف الى ايقاظ الوعي لدى ابناء جلدتنا وامتنا العربية النائمة كاهل الكهف وتحريك وجدانها القومي وشد عزيمتها وارادتها حتى تصبح قادرة على مواجهة المحنة والوقوف بوجه مغتصب ومحتل لا يعرف الاسترخاء ولا يعترف بالحق والعدل .
تحمل اسراء في نصها الشعري الشجن والحزن والنغمة الشجية والعاطفة الوطنية الجياشة والموسيقى الهادئة المنسابة في عصر الصخب ، وصوت الناي الحزبن بين اصوات الطبول العالية ، وهذا ما يميز اسراء ، وهو سر من اسرار التجارب بينها وبين الشعر ، فماعاد البسطاء يجدون لانفسهم غذاءً شعرياً  روحياً ملائماً لذائقتهم الفنية ، حيث انشغل الكثيرون منهم باجراء وتطوير تجاربهم الفنية في قصائدهم وليس بالتعبير عن النبض الشعبي الجماهيري وهموم القلب والوجدان ، بحيث بات اغلب الشعر صورة لتعقيدات الحياة وبؤس الواقع وليس رداعليه، ومحاولة فتح ثغرة صغيرة وفيه تنفذ منها اضواء الشمس وبعض النسمات من الهواء النقي الجميل.
بالمختصر ، لاسراء محاميد ميزتان هما ميزة التعبير الشعري الصافي ، وميزة الايقاع الموسيقي الجميل والواضح والموزون ، وهما قادرتان على تواصل الناس مع شعرها ونبض قلبها وشدوها.
اسراء محاميد شاعرة مقتدرة ومتمكنة من لغتها واسلوبها الشاعري وشفافيتها واوزانها التي تتناغم مع احاسيسها ومشاعرها الوطنية الدفاقة ومع ايقاع القصيدة. وهي حادة كالسكين في غصبها وتمردها، وناصعة كأنها نصل سيف او رمح . وهناك رؤية تسيطر عليها سيطرة  كاملة ، وهذه الرؤية التي في وجدانها هي وطنها ، وواقعها الاجتماعي البائس الذي تعيش بين جنباته ، حيث العنف المستشري ، وغياب القيم وتدني الاخلاق . اما اللحظة الشعرية في ابداعاتها هي تلك اللحظة النابعة من الحلم والرؤيا، من الغضب الساطع ، من فوهة البركان الآتي ، من الثورة الشعبية القادمة ، عاجلاً ام آجلاً.
بمعنى ان القصيدة لاترابط بذلك الرباط العقلي المعهود.وانمامجموعة من الشظاياالمتناثرة والتي لا تستطيع ان نعرف مصدرها بدقة الا تأملنا هذه الشظايا  ولمسناها حتى نعرف انها صادرة من هذا البركان الشعبي او ذاك .
القصيدة الاسرائية غليان شعري كامل وغضب ساطع على القهر والاغتراب والاستلاب والاستعباد والاحتلال ، وكلماتها انفاس  متلاحقة ممتدة لاهثة ، والجملة الشعرية عندها حادة وملهوفة ، والنغم الموسيقي سريع يفرض علينا ان نقراها في نفس واحد ،وهذه الجملة موزونة من ناحية الايقاع الشعري عندما نقرأها.
انها بدايات موفقة وانطلاقة شعرية رائعة لاسراءمحاميد على درب الابداع  الشعري الملتزم ، ولا بد  ان. يكون لها شأن كبير في النهضة الشعرية الحقيقية الجديدة ، وبين الاقلام والمواهب الشعرية الملهمة المستحقة ، فلها خالص التحيات ، والى الامام .
**
فوز فرنسيس تحلق في فضاءات الشعر 

فوز فرنسيس الآتية من بعيد ، من اعالي الجليل الأشم ، من فسوطة الهادنة الوادعة ، حيث الجمال والالهام ، جمال الطبيعة الغناء ، والسنديان الباقي ، والسريس الفواح بعبقه وشذاه، الذي يرمز الى الانزراع في عمق الارض والتراب ، والبقاء الابدي في وطن الحب والجرح والنكبة ، الوطن الكنعاني .
فوز فرنسيس دخلت محراب الشعر ، وحلقت في سماوات الكلمة العذبة ، وفضاءات الابداع ، وتألقت بحروفها في روضة البوح .لكنها لم تنل حظها من الشهرة ، التي لم تلهث وراءها ، ولم يتصفها النقد .
هي لا تكتب القصيدة بل القصيدة تكتبها، انها تكتب ليس من اجل الكتابة ولا ايماناً بالفن من اجل الفن ، بل هي تسطر الحروف لتسكب الآلام وتصور الوجع الفلسطيني ، وتعبر عن القلق الوجودي الانساني وتستلهم الحلم الوطني القومي ، وطن حر مع هوية .
فوز فرنسيس محبة للثقافة والأدب والشعر ، عشقت اللغة والقراءة والمعرفة منذ نعومة اظفارها . قرضت الشعر وخاضت غمار الكلمة ، ونشرت قصائدها التي عطرت الأجواء بصدقها وعفويتها ورقتها وما ترمز اليه من ابعاد وايحاءات .
هي تؤمن برسالة الشعر ودوره في الجبهة الثقافية ، وفي معارك الشعوب المستعمرة والمحتلة الطامحة الى الاستقلال والحرية .
تتأثر فوز بما يجري ويحصل في عالمنا المظطرب من احداث سياسية متسارعة ومتلاحقة ، فتتفاعل مع الحدث وتعكس تأثيراته في تصوصها المكثفة ، وومضاتها السريعة .
كتبت عن الوطن وجراحاته ، وعن عذابات الشعب ، وآلام الناس . وكتبت عن الحب وللحب وتغنت به ، فعانقت الوجدان ولامست شغاف القلب بمشاعرها الفياضة ، وسمت من خلال المزج بين الأرض / الوطن /الحبيب ، فانعشت الروح ، وادركت بحسها المرهف ان الحياة لا قيمة ولا معنى لها بدون الحب .
آمنت بالانسان ، اينما كان بغض النظر عن دينه وقوميته وهويته . وخاطبت الروح الانسانية .
في نصوصها انفاس الشعر الصافي ، ورقة الجداول ، واحساس العاشق الولهان .
فوز فرنسيس جعلت للشعر معنى ، فتتمايل في الروض ، وتغرق بالوجد والمؤانسة ، ولكلماتها مدلولات موازية للأفكار ، والصورة الشعرية لديها تتخذ مساراً لفظياً ، ولكن وراءها صرخة وجع ، وزهرة الم معبأة بالغضب والاحتجاج على الواقع .
فوز فرنسيس شاعرة تعرف كيف تختزل وتكثف التجربة بتص دافئ  عميق الأبعاد ، وفي مستوى الحلم المنشود . وما يميز نصها تلك الرهافة والاحساس الصادق رالبساطة الآسرة ، والبوح الجميل والنغم الموسيقي الهفهاف ، والمحافظة على تماسك التص ، والوحدة العضوية بين الشكل والمضمون .
فوز فرنسيس تكتب بقلبها ، بجوارحها ، بجوانحها ، باحساسها الجارف ، تغمس قلمها بحبر عراطفها ، انها تكتب فتتدفق مشاعرها فياضة وحارة على الورق ، ممتلئة بالدفء الانساني ، وحرارة العواطف ، فتلاطف كيان القارئ وحسه الفني .
اما لغتها فهي واضحج ، سلسة ، عميقة ، تصبغها الجمالية الفنية والمرسيقى الشعرية التي تسحر النفس ويجعل المتلقي يتذوق جمالاً سلساً ووجدانياً.
فوز فرنسيس تشف في قصاندها عن شاعرية بحاجة الى اهتمام من قبل نقاد القصيدة ، حتى ينبت البرعم ويورق الفنن ويورق في حقل الابداع ، فلها البهاء والتحية .



CONVERSATION

0 comments:

إرسال تعليق