الجمهورية الأسترالية/ عباس علي مراد

أعاد زعيم المعارضة الفيدرالية العمالي بيل شورتن إحياء النقاش حول تحويل أستراليا إلى جمهورية. شورتن وفي كلمة  له في العشاء الذي أقامته "حركة الجمهورية الأسترالية" في ملبورن أواخر الشهر الماضي، قال إنه في حال فوز العمال في الإنتخابات الفيدرالية القادمة سوف يطرح الموضوع لإستفتاء عام خلال فترة الحكم الأولى، وكان شورتن قد صرح أمام مؤتمر حزب العمال في ولاية كوينزلند أن عملية التصويت ستكون على مرحلتين حيث سيطرح على الشعب في المرحلة الاولى سؤال بسيط ومباشر تكون الإجابة عليه بنعم أم لا، والسؤال هو، هل أنت/ أنتِ على أستعداد لدعم تحويل أستراليا إلى جمهورية ويكون على رأسها أسترالي؟
وفي حال فوز الإستفتاء سيتمّ تحديد كيفية إختيار الرئيس في المرحلة الثانية ويضيف شورتن أنه متفائل بنجاح الإستفتاء.
غامزاً من قناة رئيس الوزراء مالكوم تيرنبول دون أن يسميه قال شورتن:"نحن لسنا اليزابثييون (نسبة إلى الملكة اليزابث)، نحن أستراليون ورئيس الدولة يجب أن يكون أسترالي". وكان تيرنبول قد صرح أثناء زيارته الأخيرة إلى بريطانيا الشهر الماضي أنه "اليزابيثي" لكنه يؤيد تحويل أستراليا إلى جمهورية بعد وفاة الملكة أو في حال تنازلها عن العرش.
الجدير ذكره أن رئيس الوزراء مالكوم تيرنبول هو من مؤسسي حركة الجمهورية الأسترالية وكان يشغل منصب رئيس الحركة عام 1999 وقد قاد تيرنبول حملة تحويل أستراليا إلى جمهورية خلال الإستفتاء الذي جرى في ذلك العام.
شورتن أعتبر إن إحياء النقاش حول تحويل أستراليا إلى جمهورية لا يعتبر عدم إحترام للملكة التي يكنّ لها إحتراماً شخصياً كبيراً، كما لا ينبغي لأستراليا أن تنتظر وفاة الملكة للحديث بالموضوع.
السؤال الذي يطرح  نفسه، هل أستراليا جاهزة للإنتقال إلى النظام الجمهوري وهل هذا الموضوع هو من الأولويات لدي المواطنين؟
يقول زعيم المعارضة الفيدرالية مستبقاً أي إنتقاد: "أعرف أن مسألة تحويل أستراليا إلى جمهورية قد لا تكون من الأولويات لكل الأستراليين، لكن لا أقبل المنطق الذي يقول لا يمكن نقاش هذا الأمر حتى تُحَل كل المشاكل التي تواجه الوطن". ووعد شورتن بتعيين وزير خاص بمسؤولية محددة للجمهورية في حال فوزه بالإنتخابات القادمة.
نائب رئيس الوزراء وزعيم الحزب الوطني بارنبي جويس سخر من خطة بيل شورتن لإجراء الإستفتاء حول الجمهورية معتبراً أن هذا الإقتراح لن يؤمّن الوظائف للمواطنيين، ولن يساهم في تطوير الاقتصاد الوطني، ورأى أن المواطنون مهتمّون بفاتورة الكهرباء والوظائف وأعتبر أن مسالة الجمهورية ليست من الامور الضاغطة الآن.
خطة زعيم المعارضة تتماشى في خطوطها العريضة مع الخطة التي وضعتها حركة الجمهورية الأسترالية التي تفضل إجراء الإستفتاء الأول عام 2020 والثاني عام 2022. وفي مقالة له في صحيفة ذي صن هيرالد 6/8/2017 ص 27 رحّب رئيس حركة الجمهورية الاسترالية بيتر فيتزسايمون بموقف بيل شورتن مضيفا أنه يخجل بمن يقولون بأننا لا نستطيع أن نحكم أنفسنا وقال أنه يعتقد ان الوقت قد حان لتعديل الدستور الذي ينص ويشدد على أن يكون رأس الدولة 100% إنكليزي، وعدّد فيتزسايمون بعض إنجازات الأستراليين في عدة مجالات سواء كانت الإقتصادية والعلمية والرياضية…
من ضمن صفقة توليه منصبه عام 2015 بالإنقلاب الحزبي على طوني أبوت، رئيس الوزراء المؤيد لتحويل أستراليا إلى جمهورية تعهّد لجناح اليمين في حزب الأحرار عدم إحياء النقاش حول تحويل أستراليا إلى جمهورية، والالتزام بإجراء الاستفتاء غير الملزم في قضية تعديل قانون الزواج لتشريع زواج المثليين، وتعديل القوانين المتعلقة بالتغييرات المناخية، وهذا ما يلتزم به تيرنبول خوفاً من الإنقسام داخل الحزب وخسارة منصبه.
الكاتبة جاكلين مايلي ترى أن الزخم لتحويل أستراليا إلى جمهورية سيعود بالتدرج. وفي مقالة لها في صحيفة ذي سدني مورننغ هيرالد 5/8/2017 ص 29  قسم ما وراء الأخبار تحدّد  ثلاثة  أسباب لحتمية إعادة إحياء النقاش.
 أولاً، التصريحات الساخرة لوزير الخارجية البريطانية بوريس جونسن أثناء زيارته الأخيرة لأستراليا  حول الثقافة الأسترالية حيث تستغرب الكاتبة لماذا ما زلنا نوقّر ونتسامح مع هذا المستوى الهابط من التعليقات.
 ثانياً، رفض بريطانيا الإفراج عن بعض الوثائق المتعلقة بأكبر أزمة دستورية في تاريخ أستراليا الحديث وهي طرد رئيس الوزراء العمالي غوف ويتلم من منصبه عام 1975.
ثالثاً: أزمة الجنسية المزدوجة للبرلمانيين الأستراليين والتي أدت إلى إستقالة بعض النواب في الوقت الذي ما زلنا نؤيد بقاء أجنبي على رأس الدولة.
أخيراً، نشير إلى أن سبب فشل الإستفتاء حول تحويل أستراليا إلى جمهورية  عام 1999  يعود إلى طبيعة السؤال الملغوم الذي طُرح على المواطنين من قبل حكومة جان هاورد الأحراري المؤيد شخصياً للملكية. ركّز السؤال على كيفية إختيار رئيس الدولة بإنتخاب مباشر من الشعب أم بإختيار من قبل البرلمان أم بالتعيين من قبل رئيس الوزراء هذا ما ولّد إرتباكاً وتشويشاً لدى المواطنين وسقط الإقتراح.
يريد زعيم المعارضة بيل شورتن والحركة الجمهورية الأسترالية لتجنب أي إرباك وتشويش طرح سؤال بسيط وواضح بحيث تكون الإجابة عليه بنعم أو لا، لتأمين نجاح الإستفتاء الأول وتأجيل النقاش حول كيفية إختيار الرئيس إلى المرحلة الثانية.

سدني أستراليا

CONVERSATION

0 comments:

إرسال تعليق