بعد الست العجاف، خرجت سوريا العروبة عن صمتها/ الدكتور حمدى حمودة

فى يوم نحس على الكيان الصهيونى قامت طائراته الأربع بشن هجوم على الجيش العربى السورى بتدمر وهى مطمئنة كالعادة أن سوريا لايمكنها الرد السريع على هذه الهجمات التى بدأتها منذ 2013 بمعدل هجمة أو اثنين كل سنة ، وكانت الأدارة السورية تتحلى البصبر وضبط النفس لتفادى الصدام معها أثناء انشغالها بالحرب على المجموعات التكفيرية (داعش والنصرة ومن متحالف معهما من فصائل مسلحة ) المنشرة فى كل أرجاء سوريا مدنا وريفا وحلب على وجه الخصوص التى اعتبرتها أنقرة من بداية المؤامرة ملازها الأول والأخير لما لها من أهمية كبرى بالحدود بينها وبين سوريا .
نشط الجيش العربى السورى بعد أن تزود بمختلف أنواع الصواريخ من موسكو وبعض المقاتلات الحربية وأسلحة أخرى ، وتكاتف الحلفاء معه (موسكو وطهران وحزب الله اللبنانى ) فى تحرير كل مدن وريف سوريا منذ 2014 أى بعد ثلاث سنوات من الحرب عليها ، الى أن تم تحرير حلب شرقا وغربا قبل نهاية 2016 ، الأمر الذى فرض على كل فصائل المسلحين الذين ولاؤهم للمعارضة الداخلية والخارجية أن يقبلوا بمؤتمر استانة 1 ، 2 كذلك قبلت أنقرة التعاون مع موسكو بغلق حدودها أمام المسلحين وعدم تزويدهم بالسلاح والمؤن الآتية من الدول الراعية للأرهاب (الرياض والدوحة) حيث حقق مؤتمرى أستانة ما عقد من أجله ، وهووقف اطلاق النار الدائم على كل الجبهات ، وأعلن ديموستورا بأن أى فصيل مسلح لم يعمل بهذه الأتفاقية ، يكون مشاركا لداعش والنصرة التى رفضتا الألتزام بوقف اطلاق النار وتصبح الدولة السوريا لها الحق فى التعامل معها ناريا .
بعد مؤتمرى الأستانة ، انعقد مؤتمر جنيف أربعة ، والذى حقق تقدما بعد النتائج التى مهدت له فى الأستانة وهى التزام كل فصائل المعارضة بوقف اطلاق النار ، والموافقة الضمنية بالحوار مع وفد الحكوكة السورية ، وان كان هذا المؤتمر (جنيف) انتهى دون أن يحقق شيئا ملموسا ، الا أنه يعزى لديه أن لأول مرة توافق المعارضة بأن تدمج كل فصائلها فى فصيل واحد ، مما جعل المبعوث الأممى ديمستورا يعلن بتقدم هائل للوفدين الحكومى والمعارض خاصة بعد أن سيطرت الحكومة السورية على كل اراضيها الى أن وصلت الى مدينتى الباب ومنبج اللتان انتشرا فيهما الجيش العربى السورى ، استعدادا لمعركة الرقة التى أصبحت مأوى لكل التكفيرين من كل الجماعات بعد أن حيدت سوريا مدينة دور الزور وتمكن من اعادة محطتى المياه بنهرى بردة والفرات اللتان تغذيان دمشق وحلب .
كان من المقرر منذ ثلاثة أيام مضت أن ينعقد مؤتمر الأستانة ثلاثة ، وقد لوحظ عدم حضور الوفد المعارض الذى أؤتمر بأوامر أنقرة بعدم المشاركة حيث أن موسكو وسوريا وواشنطن منعوه من المشاركة فى معركة تحرير الرقة خاصة بعد أن جاءت جنود المارينز الأميركى وحطت على أرض الرقة وأمدت القوات الكردية بالسلاح ومكنتهم من الوقوف ضد أنقرة ، لذلك لم تنعقد أستانة ثلاثة ومن المنتظر أن يعقد مؤتمر جنيف رقم 5 أول ابريل بعد أن يكون التحالف السورى قد انتهى من طرد كافة التكفيرين المتواجدين بالرقة .
هذه المعطيات هى التى جعلت الكيان الصهيونى يتخذ القرار بشن هذه الهجمة على الجيش بمدينة تدمرلتقوية معنويات التكفيرين الأرهابين متذرعا بأنه قام بهذه الهجمات لضرب الأسلحة والمعدات الثقيلة المتجهة من سوريا لحزب الله بلبنان ، علما بأن السيد حسن نصرالله لم يترك الصهاينة فى شكوكهم وأراحهم عندما تحدث فى أكثر من خطاب له ، وكشف لهم عن كل امكاناته وأسلحته والمفاجآت التى تنظرهم فى الحرب القادمة اذا ما فكروا ضرب لبنان ، علاوة على انه طلب منهم تفكيك مفاعل ديمومة خشية ضربه اثناء الحرب ، وكذلك التخلص من حاويات الأمونيا التى سيستهدفها فى حيفا وتل أبيب ، لم يترك لهم كبيرة أو صغيرة الا وحدثهم عنها ، وأن واشنطن لن تغيثه هذه المرة كما لم تغيثه فى 2006 عندما منى بالهزيمة المرة . 
اذن هل استوعب الكيان الصهيونى الدرس والرسالة التى وجهتها له القيادة السورية أول أمس ؟ وكذلك رسائل قائد المقاومة نصر الله ؟ اللتان تعبران عن أن مامضى قد مضى ، والقادم هو الذى يجب أن يكون ، لو لم تتخلى الصهاينة عن غطرستها وتهديدها واختراق الأجواء اللبنانية والسورية ، فستكون المعاملة بالمثل وبلا رحمة وما حدث أول أمس سيحدث أكثر منه ، فصاروخ واحد كان كفيل فى دب الرعب والهلع بين صفوف الشعب الذى هرع بعد سماعه صفارات الأنذار التى ضربت تلقائيا عندما سقط بعض جسم الصاروخ بالأردن . 
ان الآتى هو تحرير الجولان وذلك بعد تحرير آخر شبر من الأرض السورية من كل الأرهابين ، خاصة بعد أن أرسلت الخارجية السورية الى الأمم المتحدة تطالبها بانسحاب الكيان الصهيونى من الجولان ، فاذا لم تستجيب فستقوم المقاومة السورية التى هى فى أتم جهوزيتها  واكتمالها منذ عامين ماضيين آخذة االعزم على استرداد الجولان بالدبلوماسية أو بالقوة .
كما وجهت المقاومة السورية أيضا الرسالة الى الولايات المتحدة التى جاءت بقوات المارينز التى بلغت 400 جندى بمعداتها ، وذلك دون التشاور مع موسكو وهى الحليفة لها منذ عهد أوباما للتخلص من الأرهابين على كل الأراضى السورية ، الا أن واشنطن أتت دون أى تشاور ، الأمر الذى أغضب التحالف الروسى السورى الأيرانى وبادر الجيشين الروسى والسورى بدخول مدينة منبج ، والسؤال الذى طرحه البانتجون أول أمس هو ماذا سيكون مصير قوات المارينز بعد تحرير الرقة ؟ هل ستبقى أم ستغادر ؟ وبعد طرح السؤال اختلفت الآراء بين الأدارة الأمريكية والبانتجون الذى يفضل عدم بقاء القوات على الأراضى السورية وذلك بعكس الأخرى ، ولكن للعلم هذه الرسالة مؤكدة من المقاومة السورية والتحالف بعد أن أعلنت الخارجية السورية فى أكثر من بيان لها موجه لأنقرة وواشنطن أن أى تواجد لأى جيش أجنبى على أراضيها يعتبر بمثابة احتلال ومن حقها تبعا للقوانين الدولية أن تتعامل معها بالكيفية التى تراها . 
                                                                                              
Dr_hamdy@hotmail.com



CONVERSATION

0 comments:

إرسال تعليق