من عبق الماضي الاصيل/ فؤاد الورهاني

ندهت عليها حبّري لسراج
ولا سمعيني 
روحي عشي الجاج
من قصيدة لي في كتاب ضيعتي الصادر 2014( ضيعتي).

لكلمة (حبّري لسراج)بالقصيدة كلام عادي نتلفظ به ولو عدنا لتحليله لوجدنا له اساسات مثل
حبّري- اصل الكلمة حبرْ.
-لكن التحليل الصحيح يحتاج الى الوقوف على الحقائق وربطها ببعضها اذا تعددت، لكي يكتمل المعنى للتفسير الصحيح، والا الافضل عدم الخوض بالموضوع لأن فيه مسؤولية اخلاقية امام الناس حاضراً ومستقبلاً عندما نضلل القاريء بالتفسيرات الخطأ.
-لماذا سمينا في بعض المناطق القنديل برمته "كاز" ثم سمينا (الكيروسين) زيت الكاز ثم لماذا قلنا حبّري القنديل أو الفانوس ولم نقل عبي حنجر القنديل (بالكيروسين او الزيت)
- الموضوع الصحيح هو
لكلمة " كاز " يوجد احتمالين اثنين 
-الاول كلمة" كاز " قد تكون تحريف لكلمة "غاز " لكن كلمة زيت التي سبقتها ابعدة الشبهة عن هذا التحليل فلا يعقل ان نلفظ وخاصة في المدن السورية وليس الارياف حرف الكاف بدل الغين بكلمة غاز ثم نَصف السائل بزيت الغاز.
والثانية " كلمة كاز " تعني باللغة العربية الفصحة الوعاء اي " الكوز" والكوز حجمه معروف مثل الكوب او الكار او الكأس تتفاوت سعته في اقل من نصف لتر وفي مناطق يسمون ابريق الفخار اليدوي بالكوز.
-ثم القنديل نفسه اصبح اسمه " كاز" وهذا دليل انه من الكوز فنقول: بالعامية ، ضوي الكاز، أو حبّري الكاز، أو شورق الكاز في حال اطفأه الريح، واصبح الان الكيروسين هو عوض عن الزيت النباتي في الكاز الكوز.
- زيت الكاز؟
نحن نعلم على مرّ العصور استعمل الانسان الزيوت النباتية والشحوم الحيوانية والشمع في الاضاءه، لكن بعد اكتشاف البترول وتكريره صارت مشتقاته مصدر من مصادر الطاقة والانارة ومن ضمنها مادة الهيدروكربون في البترول هي (الكيروسين) الصافي، (والكيروسين) استعملته الدول الصناعية لتشغيل العديد من الألات ومنها الطائرات، لكن في بلادنا لا صناعات ولا مصانع طائرات فقط نحن بدأنا نستعمله للإنارة في البيوت وليحل محل زيت الزيتون والزيوت والشحوم لوفرته وسرعة اشتعاله، ومع ان الشركات العالمية المستخرجة للبترول اطلقت اسم زيت على البترول برمته الغير مكرر، ولهذا في منطقتنا عندما استعملناه ناب عن الزيت النباتي فتركنا التسمية كما هي واصبح هذا الزيت للإنارة فقط وللتدفأة والمواقد الالية (كالببور)
القنديل واللُكس والببور في الاصل ليست من صناعتنا بل هي مستوردة، وهي صُنعت خصيصاً ليتم تشغيلها بهذه المادة الكيروسين او السولار كما يسمونه في مصر، لكن نحن من صناعتنا السراج الفخاري والزجاجي والخزفي ايضاً وفوانيس ومشاعل الاماكن الخاصة والعامة وكانت تعمل بالشحوم والزيون والشموع.
ما علاقتها بكلمة حبر.؟
نحن نعلم صناعة الحبر قديمة جداً قِدم التدوين وصناعته متعددة المصادر فعندما كان سائل كان لا بد من وضعه في اوعية لا تسمح للحبر بالرشح، "استعملوا القدماء حُفر في الحجر واستعملوا الفخار للأصباغ والحبر" لكن الزجاج افضلها فصنعوا الحنجر للأدوية والاصباغ ومنها للحبر واطلق عليها الانسان المحبرة لأنها مصدر الحبر للأقلام.

وعليه عندما استوردنا قنديل الكيروسين وجدنا خزان الكيروسين الزجاجي للقنديل يشبه المحبرة فكان افضل اسم لها هو السائد واستعملناه دون التفتيش عن اسم جديد.
-هل لاحظتم كلمة " دواية حبر".؟
فهو حبر وما الذي ربطه بالدواء.؟

الجواب: السبب ذاته هي تسميات لحناجر كانت تستعمل للأدوية ثم للحبر ولا يغيب عن بالك ان هذه الادوية كانت تصلح للكتابة مثل الاصباغ بانواعها والوانها، فمثلاً صبغة اليود هي على لونين ازرق واحمر وتستعمل طبياً وتوضع لتطهير الجروح وتجفيفها.
هل لاحظت كلمة كازية.؟
سأشرحها بالتفصيل ..ترقبوها
(من كتاب "لهجتنا ولغتنا " قيد الطبع)
-----------

CONVERSATION

0 comments:

إرسال تعليق