الثورة الايرانية والامبريالية الامريكية/ موسى مرعي

 
الثورة هي مبدأ وفلسفة وبناء وتضحية وصاحبة وعد , ان وعدت أوفت  ان حاربت انتصرت لأنها هجومية . يقول القائد هانيبال السوري الذي كان أعظم نابغة حربي في عصره  قبل الميلاد , بأن الهجوم هو أفضل وسائل الدفاع وبأنه يمكن للقوى الصغيرة المتحركة  ( يعني الثوار ) أن تهزم قوى اكبر منها ثابتة , هذا الذي حصل في حرب المقاومة اللبنانية والعدو الاسرائيلي صاحب أكبر وأقوى قوة في الشرق يمتلك الجيش القوي ولكنه جيش الكلاسيكي وليس كالمقاومة ولا الثورة . موضوعي هو انتصار الثورة الايرانية صراعها الذي استمر عشرات السنين من اجل طرد شاه ايران ملك الملوك . فهذا معناه أن تلك الثورة من شرارتها الاولى قد وضعت الانتصار غايتها وهدفها . فقد رفضت عندما كان الشاه في الحكم , رفضت جميع أنواع المساومة مع الشاه بالرغم من العروض المريحة والمغرية جدا التي قدمها لها ومن تلك العروض التي قدمها اشراكها في كل ما يمتلك من مال وذهب وعقارات وفي الحكم ايضا رفضت الثورة جميع انواع المساومة                                                                   
فالخميني عندما كان منفيا لم يقبل بجميع العروض والمساومات الي عرضها الشاه عليه عبر رسالة وكان جواب الخميني بالرفض وعدم المساومة والتنازل وقال ان نوعية الثورة هي رفض المساومة وعدم التنازل عن اية كلمة ومن ادب الثورة التي كلفنا بها الواجب القيام بها من اجل حقوق وحرية ملايين الشعب الايراني الذي كان في ذلك الوقت بين مخالب الشاه ونظامه , وعندما رأى الشعب الايراني كيف هذه الثورة وفهما فاقتنع بها ونزل الشعب الى الشارع مستعدا لأي مواجهة من نظام الشاه . فبعد ان أطاحت ملايين الشعب الايراني بالشاه وحولته من امبراطور للشمس الى تائه شريد تحت الشمس أدرك  خصوم الثورة الايرانية  خطر النظام الايراني الجديد وخطورته , وقد كانت الامبريالية الامريكية في طليعة هؤلاء فالامبريالية الأمريكية التي لا تزال ضائعة في نظرية كيسنجر وثم بريجنسكي الذي كان من اهم مستشاري الرئيس الامريكي جيمي كارتر . فكيسنجر وزير الخارجية  آنذاك  الذي رأى الامن الامبريالي يكون باقامة جزر مسلحة تحيط بالمد السوفياتي وبريجنسكي رأى الامن الامبريالي بتفتيت اطراف ذلك المد الى مستنقعات طائفية واتنية يبدأ من ايران بضرب الثورة التي سموها انها ثورة شيعية وجيرانها العرب مسلمين سنة مع ألأقلية شيعية . ان الامبريالية الامريكية واجهت في الثورة الايرانية كائنا سياسيا غريبا من القضاء السياسي الخارجي حط على كوكبها وليست عندها عنه أية معلومات او خبر فقد اصاب الامريكان بخيبة امل للامبريالية فحاولت الادارة الامريكية  ان تأخذ بيد الثورة الايرانية لتطبطب عليها وتضمها لصدرها والمعروف عن امريكا انها ما ضمت احدا الا وعصرته حتى ان تنقطع انفاسه وكانت الثورة صاحية وعلى حظر وانتباه فحاولت امريكا ان تعمل على ترويض الثورة وتدجينها بالسياسة الامريكية الامبريالية وبدأت تبدي رغبتها بالتعامل مع النظام الايراني الجديد وبدت ان تمد النظام الايراني الجديد بالحنطة وقطع غيار للأسلحة وما تنتج المصانع الامريكية . ولكن لسؤ الحظ الامريكي ان من أمسك بالبلد هم قادة الثورة الاسلامية رجال الدين ورجال الدين يرتدون العباءة الاسلامية فصعب على الامريكان كشف ما يخبئه النظام الايراني  الجديد تحت عباءته الواسعة من معلومات أكيدة بما تختطه السي آي اي ضد الثورة . واذ بالعالم يسمع بأن السفارة الامريكية احدى اكبر مغارات اللصوص قد اقتحمها مجموعة من طلاب الثورة الايرانية واعتقلوا الستين جاسوس الموجودين بداخلها ان اقتحام السفارة الامريكية في طهران كان يومها يشكل بداية لمرحلة حاسمة وخطيرة في التاريخ المعاصر بشقيه الامبريالي والمضاد للأمبريالية , هو بالتالي موسم الثورة الايرانية الجديدة بعد موسمها الاول الذي طردت به الشاه وشردته في البر والبحر والجو . وبنفس الوقت استجاب النظام السعودي لطلب وكالة المخابرات المركزية الأمريكية السي آي اي وبدأو يضيقون الخناق على الحجاج الايرانيين القادمين الى مكة لقضاء فريضة الحج وزيارة بيت الله وبل ضيقوا على كل مسلم شيعي أصبح في نظر الأنظمة الخليجية وبالذات النظام السعودي ان كل شيعي هو محسوب على الثورة الايرانية وروجت دعاية لتخويف دول العالم العربي وليبرر النظام السعودي موقفه بحجة ان ايران تحاول أن تصدر الثورة الشيعية الى المنطقة ذات الاغلبية السنية  ( والله أنا أخجل من نفسي عندما اكتب سني او شيعي او مسيحي لأننا كلنا مسلمون لرب العالمين ), الكل يتذكر مقولة ولي العهد السعودي ألأمير فهد آنذاك قال ان خطر الثورة الشيعية التي قامت في ايران تشكل اكبر خطر على المنطقة العربية السنية , والمد الشيعي أشد خطورة من المد الشيوعي للمنطقة : نشرتها صحيفة الشرق الأوسط . من شدة تضييق الخناق من النظام على شيعة السعودية منذ أن تاسست الحركة الوهابية في القرن الثامن عشر  وجاء تاسيس المملكة السعودية عام 1932 واشتدت المضايقات والخناق على الشيعة وازدادت المضايقة بسبب انتصار الثورة في ايران بدأ النظام السعودي والحركة الوهابية المدعومة من النظام يضطهدون الشيعة ويمنعوهم من احياء ذكرى عاشوراء ومن موسم الحج . وبدأ النظام السعودي بايعاز من المخابرات ألأمريكية يحرض النظام العراقي على الثورة في ايران وتخويف النظام العراقي من امتداد الثورة الايرانية الى داخل العراق بحكم أن اغلبية سكان العراق من الشيعة وتواجد المزارات الشيعية لأهل البيت في العراق . ومع العلم ان الشيعة الغير ايرانيين لم يتدخلوا بالثورة ولم يكن الكل من مؤيدي الثورة ولا ضدها . فبدأت أمريكا تفاجأ الأمريكيين والحلفاء في اوروبا لتصور لهم انها صدمت  بالذعر والهلع والوقاحة بدأت تركز على تصدير صحفها للخارج وتركز على الاعلام المرأي والسمعي للتشنيع بالثورة الايرانية ووصفها بالارهاب لتخويف دول العالم وتحريضهم على حكومة الثورة الجديدة التي ستقف في وجه الامبريالية . وبدأ مجموعة من مشاهير ألاعلام والصحافة في أمريكا يكتبون في الصحف المحلية والعالمية ويظهرون عبر برامج اخبارية اعلامية اذاعية وتلفزيونية  مثل الاعلامي الشهير جيمس روستون قدم برنامج خاص لتخويف العالم من الثورة الايرانية ويطالب العالم بأسره ليتحمل نصيبه من المسؤولية حول احتلال السفارة وان هذا الاحتلال هو عمل ارهابي  تحدي لأمريكا وحلفائها وجعل الحرب قريب ومحتمل . واعتبرت السياسة الامريكية ان ايران خرجت عن القانون الدولي وتصرفت تصرف اعلان حرب , ولكن هل القانون الدولي يعطي لأمريكا الحق لتتجسس على الثورة الايرانية كي تخطط لخراب ايران لتعيدها الى حضنها من أجل السيطرة على ابار النفط والاقتصاد الايراني والاستيلاء على حقوق الشعب الايراني ؟  وبدأ التحريض الأمريكي السعودي في العالم العربي والقرن الافريقي بتحرك النعرات الطائفية والمذهبية بين السنة والشيعة وبدا التسلح للأكراد باحدث ألأسلحة ضد الثورة الايرانية والبحث عن بعض الجنرالات لشرائهم ودعمهم للقيام بانقلاب ضد الامام الخميني وتسليح حركة مجاهدي الشعب خارج ايران لأجل عادتها ونفطها الى الحظيرة الامريكية ولسد الطريق امام السوفييت . فات عن بال المخابرات الامريكية انه لا يوجد ثورة في العالم راهنت على مستقبل شعبها ووطنها وان كل ثورة كانت عندما تتخذ قرار اطلاق شعلتها فكانت تضع النصر امام نصب عينيها وكل من فيها من ثوار يضعان هدفان امامهم اما النصر او الاستشهاد لذلك الثورة دائما تنتصر وهكذا الثورة الايرانية انتصرت على الارادة الظالمة وعلى الامبريالية العالمية وفاقت بحجمها كل ثورات العالم المنتصرة , وقد اعتمدت الثورة الايرانية على مبدأ ان الهجوم هو أفضل وسائل الدفاع لذا اجتمعت القيادة العسكرية في الثورة وأمرت بالهجوم على الامبريالية التي تجهد نفسها لاعادة الشاه بدلا من تسليمه لمحكمة الثورة الايرانية , وقد اعتمد الخميني الهجوم واعلن انه سيحاكم الاسرى بتهمة التجسس اذا استمرت امريكا بتهديداتها وبحماية الشاه واصرارها بعدم تسليمه , رفضت امريكا اعادة اموال الشاه الى الثورة وهي اساسا اموال الشعب الايراني فاعتبر الخميني ان هذا القرار هو قرصنة بحد ذاته لذلك امر الخميني بوقف النفط عن امريكا وبيعه في اسواق النفط بعملة غير الدولار الامريكي مما أحدث هبوطا ملحوظا في الدولار في أسواق العملات الاوروبية.  فور تسلم صدام حسين لرئاسة العراق في تموز بعد أن فوجئ الشعب العراقي باستقالة الرئيس السابق أحمد حسن البكر في 16 تموز 1979 وفي سيبتمر 1980 بدأت الحرب العراقية الايرانية وسميت بحرب الخليج يعني كلف صدام حسين من المملكة السعودية بادارة الحرب نيابة عن هذه الدول وعن أمريكا واوروبا المتحالفة مع أمريكا باتخاذ قرار الحرب ضد الثورة الايرانية . لا يعني لنا من كان البادئ بالحرب ايران ام العراق لأن لو كانت نية العرب وبالذات دول الخليج نية صافية وطنية وقومية واسلامية وانسانية لكانوا منعوا هذه الحرب التي استمرت 8 سنوات جرفت الأخضر واليابس و لكن كما قالوا بعض امراء السطلة في السعودية نريد أن نضرب عصفورين بحجر واحد في آن واحد اذا انتصرت ايران بالطبع ستضعف العراق ولا يكون لها قائمة وستكون ايران منهمكة بحربها ضد العراق واذا انتصر العراق أيضا يكون قد قضي على الثورة الشيعية وقطعنا دابرها وستكون منهمكة فسوف ننقض عليها وكان حلم السعودية أن تحكم ايران وتستعبد الايرانيين كما فكرت في غزوها لليمن ب 2015 وفشلت . لكن غلطة صدام حسين هي أطماعه وغروره بعد انتهاء الحرب مع ايران وخرج خاسرا ولكنه كان قوي او بقي له نفوذ في المنطقة جروه لاحتلال دولة الكويت ووقع في الفخ . فكانت الفرصة لايران ان تسرع في اعادة بنيتها العسكرية بناء جيش ذو قوة فعالة زائد الى الحرس الثوري وتصنيع ما استطاعت من الاسلحة وتحديثها من عربات نقل ودبابات وصواريخ ارض جو وارض ارض قريبة وبعيدة المدى وصواريخ حاملة رؤوس نووية وعابرة القارات واعادة مستواها العسكري وعملت على تقنية وتطور السلاح الجوي الى ان أصبحت من الدول العظمي في المنطقة هي الاولي وتطورت اقتصاديا وصناعيا وحضاريا الى أن اصبحت من أفضل دول العالم تقدما . فأين نحن العرب اليوم من التطور ؟ لا شيئ بل رجعنا الى الخلف ضر بسبب التعاون مع امريكا وانجرارنا خلفها , لدينا أنظمى يسيرون الى الخلف ضر . يوجد حكمة تقول اذا لم تحني ظهرك فلا أحد يستطيع ركوبك , ممكن نفهما بمعنيين . لذلك الثورة الايرانية اجبرت على ان تجد لها حلفاء في منطقة العالم العربي وعلى حدودها كي تحمي حدودها ومبادئها وشعبها مثلها كمثل اية دولة اخرى تكون مكانها , ايران حاصروها ثلاث ارباع دول العالم وقاطعوها اكثر من 30 سنة بالرغم من المؤامرات عليها والويلات التي واجهتها من الجيران ومن البعاد فبقيت الثورة وبل أصبحت من أهم دول العالم والعرب للخلف ضر شاطرين بالفتن والمؤامرات على الشعب العراقي والسوري واللبناني وعلى الشعب الفلسطيني . لو لم يكونوا العرب مصابين بمرضين هما مرض الغباء ومرض الطائفية المذهبية لكانوا احتضنوا الحكومة الجديدة للدولة الجديدة ايران وفرصة انها دولة تعتنق نفس الدين وفورا مدوها بالمساعدات من مال وتقوية الاقتصاد واقامة علاقات اقتصادية وسياسية بينهم وبين ايران ما كانت آلت بنا الويلات الى هذه الظروف الوحشة الدموية ولا كانوا تخاصموا معها ونحن بالغنى عن اعادة الخلاف القومي الذي كان بين العرب والفرس ودفنه الاسلام وثم اعادوا احيائه من جديد . هل ما حصل في العراق وسوريا ولبنان وفلسطين وللمنطقة كلها في العالم العربي كان ملزم أن يحصل اليس حرام علينا وحرام لشعبنا ان يذل في اوطانه وخارج اوطانه وتخرب وتدمر بلادنا من أجل أن يمحوا وجودنا وتاريخنا . لكن لا ومليون لا نحن امة خرجت منها الامم الباقية نحن امة علمنا الامم معنى الحياة والمحبة والخير والجمال . اليس انتصار لبنان بمقاومته على العدو الاسرائيلي بفضل دعم ايران واستردينا الكرامة العربية التي كانت مفقودة وأفقدنا اياها العدو الاسرائيلي , انا لا ادافع عن الثورة الايرانية ولا اقف معها ضد بلادي لكن حبيت ان أوضح الحقيقة واكون منصفا و أيضا أقول لا لايران ولا نسمح لها بالتدخل في شؤننا لكن مستعدين أن نكون يدا واحدة من حيث الدين وحسن الجيرة والحدود المتصلة ببعضها بينها وبين اخوتها العرب ونتقبل دعمها وتعاونها لنا بكل فخر لأنها أفضل واهم من أمريكا واسرائيل  ولا ننسى أنها الجمهورية الوحيدة في العالم العربي والغربي والأسيوي والافريقي أغلقت سفارة العدو الاسرائيلي وفتحتها سفارة دولة فلسطين العربية هذا عمل بطولي للثورة الاسلامية الايرانية وقد دفعت ايران الثمن غالي جدا من تقديم شهداء في الحروب والمؤامرات عليها بسبب اعلان سفارة لفلسطين بطهران . اليس من الصح والأفضل يا عرب ان نشكر ايران ونتمنى لشعبها الخير والمحبة والاستقرار , لكن للأسف الشديد العرب يتآمروا عليها وبيتمنوا لها ولشعبها الدمار والابادة ويا خجل التاريخ منكم يا عروبة العرب المستعربين تدعوا للاسلام والمحبة واين هي محبتكم الحب بغير حب الله وحب اخوتكم لا يكتمل , ومهما تماديتم سيبقى شراع سفنكم بارتخاء انتم من باع ما تبقى من عرق الجبين والخجل .                                                                 
                                                 

CONVERSATION

0 comments:

إرسال تعليق