التطور الطبيعى للحاجة الساقعة/ إيمان حجازى

حدث أن حضرت العديد من الندوات خلال العام الفائت تهتم وتناقش التطور الكائن أو الفعلى للأدب بشقيه السرد والشعر
وقد توافق السرديون على أنه كانت الرواية هى البداية لكل سرد ِ ثم تلتها القصة ثم القصة القصيرة ِ وتوالت مراحل التطور حتى وصلنا الى القصة القصيرة جدا ِ فالقصة القصيرة جدا جدا فالقصة الومضة وهاتان القصتان الأخيرتان يثيران الكثير من النقاشات .
وقد علمنا أن هناك القصة التويتر التى لا تتخطى عدد محدد من الأحرف والتى هى من مسماها تعبر عن التويتة أو البوست على وسيلة التواصل الإجتماعى التويتر وهى ما لم تدخل حيز الإعتراف بها ولم يتم نقاشها بعد داخل عالمنا العربى أو المصرى تحديدا .

وكما حدث للسرد فقد حصل مثله للشعر ِ فبعد المعلقات التى كانت تستغرق شهور وربما سنوات ِ وبعد الشعر العامودى والتفعيلة ِ بعد الحفاظ لسنوات على الوزن والقافية والجناس بنوعيه وكافة المحسنات البلاغية ِ ومرورا بشعر العامية والزجل ِ وصلنا بنهاية المطاف الى النصوص النثرية التى يطلق عليها قصيدة النثر ِ وهذا المسمى يجد رفضا ويسبب حساسية شديدة لشعراء الفصحى ِ لأنهم يرون أن النثر قد تخلى عن الموسيقي فى الشطر أو فى البيت .
حتى أنه كان من أحد شعراء الفصحى أن هجى كتاب قصيدة النثر  بقوله 
هدمتم الوزن والقافية           الله لا يعطيكم العافية

وفى الأسبوع الفائت كانت هناك ندوة تناقش القصة الشاعرة ِ وكان كتابها يحاولون إفساح لها مجالا بين الأدب ِ وهم أيضا يتعرضون للمعارضة والتساؤل الصارخ الذى يريد أن يصنف هذا النوع من الأدب هل هو قصة (سرد) أم شعر .
ولكن الغريب أن فى زمرة محاولة كتاب القصة الشاعرة إيجاد لأنفسهم فسحة شرعية فى ساحة الأدب إلا أن رواد النصوص النثرية ( قصيدة النثر ) قد يشتمون بين سطورهم ومع أحرف التعابير الضن بثمة مكان تحتله (قصيدة النثر ) مرجعين هذا الإعتراض ولن أقول الرفض الى ميوعة الإنتماء ِ كما يقولون ِ فقصيدة النثر تلك ِ هل هى قصيدة أى شعرا وإذا كانت كذلك فكيف تكون نثرا تتخلى عن الوزن والقافية وما الى ذلك .

وبرغم أن الأسماء الكبيرة التى تحفل بها قصيدة النثر يبرهنون على وجودها الراسخ منذ عقود ِ وبرغم تمسكهم بأن الشطر النثرى يحوى فى ذاته على موسيقي ضمنية وأيضا لا يخلو النص النثرى من الصور البلاغية .
وبرغم أن كتاب القصة الشاعرة أيضا يحذون حذو كتاب النصوص النثرية فى الدفاع عن حقهم فى الإبداع بطريقتهم ويبرهنون على ذلك بأنه قد فرض نفسه على الأدب منذ عقود مضت .
إلا أننا لم نصل الى فصل الختام بعد ِ وكلما أقيمت ندوة ما تناقش أو تقدم نوعا ما من الأدب ِ نجدها وقد تحولت الى مقارنة بين الأنواع المختلفة وتتطرق الى من الأصيل ومن الفرعى ومن كانت له الريادة ومن له حق الإستمرار.
ويستشهد البعض بمقولة أننا فى زمن الرواية وهى مقولة قالها وزير الثقافة على ما أعتقد ِ وهذا ما يقوى سواعد شعراء الفصحى حيث المجد للأصالة ِ وهذا يعنى أن ما عدا الرواية وشعر الفصحى هراء لا يعتد به من إبداع .

ولكن أعتقد ِ على حسب علمى البسيط ِ وفى رأيى المتواضع أن العقل الإبداعى الجمعى الذى إستند ودعم الرواية والمعلقات فى البدايات والذى إستوعب إنبثاق القصة من الرواية وقصائد الشعر الأقل فى عدد الأبيات من المعلقات .
العقل الجمعى الإبداعى الذى إحتوى القصة القصيرة جدا وشعر المقامات وشعر العامية سوف يأتى عليه يوم يفسح مجالا للقصة الشاعرة والقصة الومضة وقصة التويتر وكذلك سوف يفسح المجال للنصوص النثرية دون الوقوف عند التسمية كثيرا ِ ولن يشغل باله وقتها هل هى قصائد أم أقوالا منثورة.

ولكن الى أن يدركنا هذا الزمان فسوف يفرمنا قطارات رواد الأدب التى يطلقون عليها أصيلة كلما إجتمعنا معهم لتطحننا ضروسهم بشدة معلنين عن أننا كشاة شطحت خارج القطيع وعلينا إما العودة والإنصياع للأصول أو يأكلنا الذئب فى البرية ولن نجد نصيرا ولا حتى من يبكى أو ينعى .

CONVERSATION

0 comments:

إرسال تعليق