الإنسانية الصمّاء/ مروى درغام

دقت أجراس الكنائس ...
علت أصوات المآذن ...
أجراس الكنائس تُقرع تزامناً مع صلاة الجمعة..
اندمجت أصوات القداس مع صيحات الله واكبر..
تنعي شهدائها، أطفالها، شيوخها، نسائها، شبابها..
الوداع يا نور عيوني! الوداع يا زهرة شبابي وايامي! الوداع يا فلذة كبدي!
أمهات الثكالى تنادي بأصوات متهدِّجة سنوات عمرها التي مضت في تربية طفلها بعد أن حملته في أحشائها تسعة أشهر، ورأته يكبر أمام عينيها وسقته من نور عيونها. لتأتي يد الموت على غفلة منها لتخطف نور عيونها منها...
أبحث عن الإنسان داخل الإنسان !
أجلس ساعات وأتفكّر فيما حولي من بشر وكائنات وجمادات صماء لا تسمع، واستغرب حال البشر اليوم..!!
# استهجان # حتى أنَّ الفيل يرفع رجله عن حيوان صغير خشية دهسه..! ولكن هل رأيتم من بني البشر من يفعل مثل هذا؟؟؟ !!
وحدهم بني البشر يرقصون على أشلاء أجساد بعضهم !!!
آآآآه ما أقسى البشر!!
آآآآه كم أني أتخبّط لكي أبحث عن إنسان  _ نعم إنسان داخل الإنسان؟؟!
أسبل جفوني لكي أسبح وأغوص في دنيا الأحلام، دنيا رائعة ليس فيها لا دم، ولا حقد، ولا ضغينة، ولا كره، دنيا ملؤها التسامح والمحبة والمودة..
فبلأمس كان الشارع في بلادنا ينبع بالحياة، وكانت الساحات الخضراء تفيض بالعنفوان..
أمّا لآن تفجّرت ينابيع الكره والحقد والضغينة، وأصبحنا نغوص في بحر الدم.
كنّا نعيش بآمان بإستقرار، برفاهية بهناء، بشرف وبعزة وبكرامة ولكن..!! أبت يد الآثمة _ يد الإجرام_ يد التطرُّف _يد الإرهاب_ يد الموت_ يد الحقد_ إلاَّ أنْ تنخر في جسد؛ قلب العروبة في قلب الوطن..
أبحث عن وطن..
لم يبقَ فيه حرية حمراء أو زرقاء أو صفراء ، وطن مهترىء أشلاؤه تناثرت أشلاء..
عن وطن! يبحث عن هويته بعد أن أصبح فيه كل شيء مستورد، وأُمّة ليس لها عنوان..
أبحث عن وطن! كل العصافير فيه ممنوعة من الغناء فالغناء حرام..
عن وطن يزحف إلى المفاوضات السلام دون كرامة ودون حياء على حساب دم الشهداء!!
فالسلام لا يولد في المؤتمرات الدولية بل في قلوب الناس وأفكارهم (ميخائيل نعيمة).
عن وطن مسؤلوه فيه يتسابقون على المنابر قامت على دم الأطفال!
يتبجحون ويتشدقون بكلام مصطنع مرتجل مستورد، عربي الوجه واللِّسان_ أميركي صهيوني الصُّنع!
كلام لا بداية ولا نهاية له..
كلام لا علاقة له بالإنسان كإنسان، لا علاقة له بالعروبة والعزة والعنفوان..
عن وطن رجاله لبسوا ثوب الخضوع والخنوع، ثوب الذُل والإنكسار، وخلعوا عنهم رداء العزة والكرامة والشهامة، وأعلنوا إنتحار النخوة والضمير.!
فأصبح يطبق عليهم القول المأثور"" أشباه الرجال ولا رجال"" ولم يبقَ سوى النساء.!
فماذا من الإنسان يبقى حين يعتاد الهوان والذل والخضوع ؟؟!!
عن وطن إعتاد مواطنوه إنتظار نشرة الأخبار كل مساء، لعلَّهم يجدون فيها بصيص أملٍ بحياةٍ أهدأ..!
حتى أنَّه إذا لم تعلن الجريدة كل صباح عن كارثة عظيمة: نتنهد لأنَّه لا شيء في الجريدة اليوم!!
فما بالنا هل أصبنا بعمى الألوان؟ !
أصبنا بعمى الضمير الحي !!
بعمى الوطنية والعروبة !!
ولم نعد نرَ إلاّ الباطل حق والحق باطل ، حتى أنّه إذا فتحت عيني الأعمى سوف يريد العودة إلى الظلام !! فهل تحولنا إلى شعب من العميان من الخرسان من الطرشان؟؟


مستشارة قانونية منتسبة إلى نقابة المحامين في بيروت.
 

CONVERSATION

0 comments:

إرسال تعليق