ثلاثة تساؤلات حول دراسة الأمريكية والأونروا عن الفلسطينيين في لبنان/ علي هويدي

على الرغم من أهمية الدراسة لجهة تسليط الضوء على الأوضاع الإقتصادية والإجتماعية الصعبة للاجئين الفسطينيين في لبنان "المقيمين" والمهجرين من سوريا والتي جاءت في 240 صفحة، وضرورة الوصول إلى حل سياسي ينهي معاناة اللاجئين الإنسانية يتحمله المجتمع الدولي من خلال تطبيق حق العودة، وحث الدول المانحة على المساهمة في ميزانية الوكالة، بالإضافة إلى ما جاء في التوصيات بـ "ضرورة الإهتمام بجودة التعليم وارتباطه المباشر بسوق العمل وإنعكاساته الإيجابية على اللاجئين على المستوى العقلي والنفسي والمالي والصحي"، إلا أن ثلاثة تساؤلات برزت في نتائج الدراسة تحتاج إلى تفسير..

أطلقت وكالة "الأونروا" والجامعة الأمريكية في بيروت نتائج مسحاً إقتصادياً وإجتماعياً جديداً للاجئين الفلسطينيين في لبنان للعام 2015 بتمويل من الإتحاد الأوروبي واليونيسف وتنفيذ الجامعة، وقد استهدف المسح 2974 أسرة فلسطينية لاجئة في لبنان و1050 أسرة فلسطينية لاجئة مهجرة من سوريا يقيمون في 12 مخيم بالإضافة إلى تجمعات أخرى. تم الإعلان عن نتائج المسح من الجامعة الأمريكية في بيروت يوم الجمعة 3/6/2016، وكانت "الأونروا" وبتمويل من الإتحاد الاوروبي وتنفيذ الجامعة الأمريكية في بيروت أيضاً قد أجرت مسحاً مشابهاً في كانون الأول 2010. أشار مسح 2015 إلى عدم التغيير في أعداد اللاجئين الفلسطينيين بعد خمسة سنوات برقم تقريبي يتراوح بين 260 إلى 280 ألف لاجئ، بالإضافة إلى وجود 42,284 لاجئ فلسطيني مهجر من سوريا حسب إحصاء تشرين الثاني/نوفمبر 2015.

حول التساؤل الأول فقد أشارت الدراسة إلى أن نسبة الفقر الشديد بين اللاجئين الفلسطينيين في لبنان كانت 6.6% في العام 2010 أي أنهم عاجزون عن تلبية إحتياجاتهم اليومية الأساسية من الغذاء، بينما وصلت في العام 2015 الى 3.1%، اي "بتحسن" أكثر من النصف، وفي وسط فلسطينيي سوريا 9%، وأن نسبة الفقراء من اللاجئين الفلسطينيين في لبنان أي الذين عاجزين عن تلبية الحد الأدنى من حاجاتهم الغذائية وغير الغذائية الضرورية قد وصلت في العام 2010 إلى 66.4% بينما تراجعت بانخافض بسيط جداً وفقاً لمسح 2015 لتصل إلى 65%، وفي وسط فلسطينيي سوريا الى 89.1%، في المقابل فإن جميع المؤشرات الميدانية سواء حول الفقر الشديد أو سواه من حالات الفقر، تشير إلى إرتفاع النسب بشكل تصاعدي، إذ أن عائلات اللاجئين الفلسطينيين المهجرين من سوريا يعيشون سوية وجنباً الى جنب مع اللاجئين الفلسطينيين في المخيمات والتجمعات منذ العام 2012، وهذا بالتالي ساهم في المزيد من المعاناة الإقتصادية والإجتماعية لكلا الطرفين نتيجة حالة التهجير.

حسب الدراسة وصلت نسبة البطالة بين فلسطينيي سوريا في لبنان إلى 52.5%، والتساؤل الثاني يكمن في ما أشارت إليه الدراسة الجديدة حول نسبة البطالة في أوساط اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، فقد أشارت دراسة العام 2010 إلى أن 56% من الفلسطينيين عاطلون عن العمل، بينما دراسة 2015 أشارت إلى نسبة البطالة وصلت إلى "23%، بزيادة 8% عن 2010 بمعنى أن نسبة البطالة في أوساط اللاجئين الفلسطينيين في لبنان وصلت في العام 2010 الى 15%..؟!" في المقابل وفي الوسط اللبناني وصلت نسبة البطالة إلى 25% حسب تصريحات وزير العمل اللبناني سجعان قزي في تموز/ يوليو 2015.

التساؤل الثالث حول ما أشارت إليه الدراسة إلى أن 9% فقط من اللاجئين الفلسطينيين في لبنان يعيشون في مناطق مزدحمة، مقابل نسبة 46% من المهجرين من فلسطينيي سوريا، مع العلم أن اللاجئين الفلسطينيين في لبنان والمهجرين من سوريا يعيشان سوية في نفس المخيم الممنوع من التوسع أفقياً وفي نفس التجمع أو الحي أو الزاروب..!

أهمية الثلاثة تساؤلات تأتي في ظل عدم إجراء أي تغيير أو تعديل على الوضع القانوني للاجئ الفلسطيني في لبنان خلال الخمسة سنوات، فهو لا يزال الأجنبي المحروم من الحقوق المدنية بما فيها الحق في العمل والتملك والإستشفاء والتعليم..، وأن "قوانين التمييز التي يمارسها لبنان بحق اللاجئين الفلسطينيين يمنعهم من تحسين أوضاعهم الإقتصادية وحياتهم اليومية" كما جاء في الدراسة، بالإضافة إلى وجود ضوابط صارمة تمنع اللاجئ الفلسطيني من سوريا بالعمل أو التنقل لا بل وحرمته "الأونروا" من بدل الإيواء إبتداءً من تموز/يوليو 2015، ويعيشان سوية في "منازل في المخيمات بحاجة إلى صيانة، وفيها تمديدات كهربائية غير مكتملة، ومشاكل في شبكات البنى التحتية والتخلص من النفايات، وفيها نسبة رطوبة عالية (78% للمقيم و 81.1% للمهجر) وتسرب للمياه (62% للمقيم و68% للمهجر) ونقص في التهوية (52% للمقيم و56.4% للمهجر) وتعاني من استمرار الظلمة (55.2% للمقيم و57.6% للمهجر)" كما جاء أيضاً في نتائج الدراسة.

*كاتب وباحث في الشأن الفلسطيني
بيروت في 6/6/2016

CONVERSATION

0 comments:

إرسال تعليق