يبيعون أوطانهم/ د. عدنان الظاهر

 
التفريط بالأوطان أكبر من التفريط بالأعراض.
أسألُ الأخوة ذوي الأمر في مصر :
1 ـ ماذا لو باعت المملكة السعودية الجزر التي تنازلت القاهرة عنها خلال الأيام الماضية وعلى شاشات التلفزيون والفضائيات ؟.
2 ـ ماذا لو أجّرتها أو أعارتها هذه المملكة ؟
3 ـ ماذا لو احتلتها أو أنشأت فيها أمريكا وإسرائل قواعد ومنشآت عسكرية وقامتا بإغلاق الممرات الإقليمية والدولية في حالة ما إذا قررتا ذلك بحجة تهديد الأمن القومي الإسرائيلي والأمريكي . هل تستطيع المملكة الحيلولة دون وقوع هذا الأمر ؟
4 ـ يعلم الناس جميعاً أنَّ السعودية مستباحة من قبل أمريكا وإسرائيل جوّاً وبحراً وأرضاً وأنَّها داخلة في حلف ستراتيجي سرّي أو غير مُعلن مع هاتين الدولتين تارة بإسم محاربة الإرهاب وتحت عنوان الدفاع عن أمن إسرائيل خاصة وقد أُعلن في الأيام الأخيرة عن إجراء تمارين ومناورات عسكرية بحرية مُشتركة بين إسرائيل والسعودية مقابل ميناء حيفا في مياه البحر الأبيض المتوسط فضلاً عن التنسيق الإستخباراتي غير المسبوق حسب تصريح وزير الدفاع الإسرائيلي. لا أحتاج إلى التذكير بتصريحات علنية لبعض مسؤولي وأمراء آل سعود حول أهمية التعاون والتنسيق مع إسرائيل ضد إيران.
النتيجة هي أنَّ إسرائيل أصبحت بعد تنازل أولي الأمر في مصر عن جزيرتي تيران وصنافير سيّدة البحر الأحمر من باب المندب حتى خليج العَقَبة وأكثر ...ستحتل إسرائيل بعض جزر جيبوتي وأريتيريا القريبة من باب المندب أو تستأجرها وهذان البلدان فقيران وبأمس الحاجة للمال. بيع وشراء ... هذه هي السياسة ومن ملك المال والسلاح والتفوّق العسكري والتقني ملك العالم.
نعم، فلنتوقعْ ما هو أسوأ وأمرّ ! ألمْ يُيسّر الرئيس السوداني الأسبق جعفر النميري مقابل رشوة مقدارها مليون دولاراَ فقط مرور يهود الحبشة والسودان الفلاشا إلى إسرائيل ؟
ستتبخر أل 12 مليار دولاراً التي ستستثمرها السعودية في مصر لكنْ الجزيرتين أصبحتا مُلك يمين السعودية الثابت والدائم أي أننا تنازلنا عن الثابت الدائم ( الأرض ) مقابل المتحرك الزائل ( المال ) فمن يقبل هذه المعادلة الخائبة غير الخونة والمجانين ؟
أعزّاءنا في القاهرة : هل فرضتم أو أخذتم ضمانات من أولي الأمر في المملكة السعودية أنْ لا تسمح لأية دولة أو دول باستخدام هاتين الجزيرتين للقيام بنشاطات معادية لدول أخرى، بل حتى مصر نفسها، وأنْ لا تؤجرها أو تبيعها أو تشاركها السيادة عليها أطراف أخرى لهذا الغرض أو غيره ؟ 
لا أعرف مدى صحة بعض الأخبار التي ذكرت أنَّ المملكة قدمت لبعض كبار مسؤولي مصر رشاوى مالية وساعات رولكس ثمينة !
عرفنا أخيراً أنَّ لدى السعودية وثائق تثبت ملكيتها لها وأنهما ( الجزيرتان ) تقعان ضمن مياه المملكة الإقليمية ولكن عَرضَ صحافيون وخبراء مصريون خرائط تُثبت ملكية مصر لها ومنذ أقدم العهود وأنَّ الجزيرتين واقعتان ضمن حدود شبه جزيرة سيناء واحتلّتهما إسرائيل أكثر من مرة لكنهما عادتا في كل مرة لمصر. أفما كان الأجدر بالمسؤولين في القاهرة إحالة الأمر إلى لجان تحكيم دولية بدل العَجَلة والتسرع في البت بهذا الأمر والتنازل عنهما وبلسان رئيس الجمهورية نفسه ؟ فعلت ذلك قطر والبحرين كما يعرف الجميع.
كان على الرئيس السيسي أنْ يعرض الأمر على الرأي العام وعلى البرلمان المصري قبل البت بهذا الأمر الخطير فالرؤساء راحلون لكنَّ الأوطان باقية. لم يفعل الفراعنة ذلك ولا المماليك الذين حكموا مصرَ ولم يقدمْ عليه جمال عبد الناصر ولا السادات ولا حتى حسني مبارك فلماذا فعل السيسي ذلك .
                                                           

CONVERSATION

0 comments:

إرسال تعليق