أطياف الندى/ د. عدنان الظاهر

     ( ديوان شعر للشاعر صبري هاشم / الناشر دار كنعان ،دمشق / 2002 ) 

مقدمة : أعرف مؤلف ديوان ( أطياف الندى ) روائيا متميزا يكتب قصه الروائي بإسلوب شعري فاتن ولغة عربية سليمة متينة. وعليه فلم أُفاجأ بصدور ديوانَي شعر مرة واحدة لصبري هاشم.
وكنتُ ، بعد أن قرأتُ قبل قرابة عامين روايتيه، سألته لِمَ لا يُجرّبُ كتابة قصائد النثر ؟ ها قد كتب. 

ولأسبابي الخاصة ( لا أقولُ لأسبابٍ خاصة ) أوليتُ الديوان موضوع دراستي الأهمية الإستثنائية الأولى. 
مجموع قصائد الديوان 39 قصيدة.كتب الشاعر في عام 2001 وحده إثنتين وثلاثين قصيدة. وضع تحت إثنتين وعشرين قصيدة منها تأريخ الأيام الخمسة الأولى من شهر مايس من العام المذكور.
وكتب قصيدة واحدة فقط في عام 1999 ( قصيدة خواطر قارع الطبل ). أمّا باقي قصائد الديوان ( 16 قصيدة ) فإنها كُتِبتْ في عام 2000 . 
إثنتان وعشرون قصيدة كتبها الشاعر في الأيام الخمسة الأولى من شهر مايس 2001 ، فما دلالة ذلك بل وكيف كان ذلك ؟
سألتُ الشاعرَ بالتلفون عن هذا الأمر وليتني ما كنتُ قد سألتُ !! قال إنه كتب هذه القصائد في فترة مكوثه تحت الفحوص والعلاج في مستشفى للأمراض القلبية في مدينة برلين. شاعر عليل القلب يكتب في فراش مرضه إثنتين وعشرين قصيدة عَدّا. ذلك أمر غير مألوف. سألته هل خالفتَ بذلك أوامر أطبّائك ؟ قال قد خالفتُ. 
يُذكّرني أمر صبري بقصة أول عملية جراحية أُجريتْ لقلب المرحوم فريد الأطرش في أمريكا. بعد العملية طلب منه طبيبه أن يتوقف عن الغناء وتمثيل الأفلام السينمائية. أجابه فريد وماذا عساني أفعل بحياتي إذا لم أُغنِ ولم أُمثّلْ ؟ تلك هي حال الشاعر والروائي صبري هاشم. بل ويكاد يكون هذا حال الجميع. كلنا مرضى قلوبنا وما جاور قلوبنا. جميعنا ضحايا ضربات القلوب الحساسة ووقع مطارق الضمير والإصرار على معايشة المِحن والمصائب ورفض المظالم وإستبداد الحكّام ومصادرة الحريات. أمراضنا كُثْرٌ إذن !!
إحتفظ صبري بقلبك سالما. نريده أن يواصل الضرب والدق. فعلى صدى ضرباته ودقاته ربما يصحو بعض النيام. 

بِمَ يمتاز هذا الديوان وما الذي يُميز الشاعر فيه ؟ 
                                 
                      الطير - الآيروس - الورود  

الطير والآيروس -

في قصيدة واحدة هي ( نديم الليل ) ذكرَ الشاعرُ الطيرَ ستَ مراتٍ. خاطبه حينا بطائر الهوى وأحيانا بطائر الليل. فالطير ههنا هو نديم الشاعر. نديم الليل والهوى.
إذا رجعنا لتأريخ كتابة القصيدة نجده 1/5/2001 ، أي في فترة مكوثه في المستشفى عليلا  ووحيدا بعد أن ينصرف الأهلُ من عيادته والصديقُ. ما أثقلَ ساعات الليل على قلب شاعرٍ عليل . كيف يقضي طريحُ فراشِ المرضِ ساعاتِ الليل الطويلة ؟ ماذا يُخبيءُ 
له القدر ساعة النوم تحت تأثير الحبوب الُمخّدِرة أو بعد طلوع شمس يوم جديد أو في ما يأتي بعد هذا اليوم من أيام ؟ (( لم يكنْ لي غدٌ فأفرغتُ كأسي ثم حطّمتُها على شفتيا / الشاعر الأخطل الصغير )). 
أو لنفس الشاعر اللبناني الأخطل الصغير ( قصيدة المسلول ) :

لا لا  أنامُ ولا أذوقُ كرى
أنا لستُ من يحيا لفجرِ غدِ

ثم لنتذكّرَّ في هذا المقام أشعار المرحوم بدر شاكر السياب التي كتبها لزوجه إقبال وهو في فراش مرضه الأخير الذي أودى بحياته. في ديوانه ( شناشيل إبنة الجلبي وإقبال ) كتب السياب قصيدة " ليلة إنتظار " في اليوم الخامس من شهر آب عام 1964 وهو على سرير مرضه في المستشفى الأميري في دولة الكويت (1) :
...
يئستُ من الشفاءِ، يئستُ منه وهدّني التَعَبُ
وحلَّ الليلُ ما أطويهِ من سَهَرٍ إلى سَهَرٍ ومن ظُلمٍ إلى ظُلمِ
...
غدا" تأتينَ يا إقبالُ يا بعثي من العَدَمِ
ويا موتي ولا موتُ
ويا مرسى سفينتيَ التي عادتْ ولا لوحٌ على لوحِ
...
أحبيني ! إذا أُدرِجتُ في كَفَني... أحبيني .

وكتب السياب في قصيدة " إقبال والليل " من نفس الديوان يقول :

يا ليلُ أينَ هو العراقْ ؟
أين الأحبّةُ ؟ أين أطفالي ؟ وزوجي والرفاقْ ؟
يا أُمَّ غيلانَ الحبيبةِ صوّبي في الليلِ نَظرهْ
نحو الخليجِ، تصوَّريني أقطعُ الظلماءَ وحدي
لولاكِ ما رمتُ الحياةَ ولا حننتُ إلى الديارِ.

وتحت وطأة الوحدة والمرض كتب السياب إلى زوجه البعيدة عنه شعرا آيروسيا صريحا يُعبِّر بصدق عن حاجته الماسّة إلى المرأة - الزوج - والأم . نقرأ أبياتا من قصيدة
" في إنتظار رسالة " التي كتبها في التاسع من آذار عام 1963 في لندن/ ديوان شناشيل إبنة الجلبي وإقبال :

وكأنَّ جسمكِ زورقُ الحبِ المُحَمّلُ بالطيوبْ
والدفءِ، والمجدافُ همسٌ في المياهِ يَرِنُّ آها
فآها" والنعاسُ يسيلُ منكِ على الجَنوبِ
فينامُ فيهِ النخلُ تلتمعُ السطوح بنومهنَّ إلى الصباحْ
أوّاهُ ما أحلاكِ ! نامَ النورُ فيكِ ونمتِ فيهِ
والليلُ ماءٌ، والنباحْ
...
وصعدتُ نحوكِ والنُعاسُ رياحٌ فاتراتٌ تحملُ الوَرَقا
لتَمِسَّ شعركِ والنهودَ به، تموتْ
حينا وتلهثُ في النوافذِ من بيوتْ
ألقاكِ في غُرُفاتها، وأشدُّ جسمكِ فارَ واحترقا
إني أُريدكِ، أشتهيكِ أَمَسُّ ثغركِ في رسالةْ
طال إنتظاري وهي لا تأتي، وتحترقُ الزوارقُ والتخوتْ
....

أعودُ ثانية لما قال صبري في قصيدة " نديم الليل " التي كتبها في اليوم الأول من شهر مايس عام 2001 :

طائرُ الهوى سكرانُ
عادَ متأخرا من حانةٍ
لا تذرفُ دمعا إلاّ في الليلِ
فتفيضُ في أحواضها النشوةُ
طائرُ الليلِ الأبيض
يتفننُ بالتغريدِ
هل عُدتَ بأُنثاكَ أمْ ستنامُ وحيدا ؟
طائرُ الليلِ تَرَنم 
لم يتركني أهجع
صحتُ به :
يا طائرَ الليلِ أسكُتْ
سكتتْ حنجرتك
ثم... ثُمَّ تراجعتُ
لا... لا
تراجعتُ
دعوتُ عليك
حبيبي
ثم تراجعتُ
إذا سكتَّ يا طائرَ الهوى
إذا سكتَّ يا طائرَ الليل
فَمَنْ يطردُ عني الوحشة...؟

ماذا نجد في هذه القصيدة ؟ نجد حنينا طاغيا لزوج الشاعر التي تقاسمه الحياة في مدينة برلين الألمانية منذ أن تركا العراق وكردستان وجنّاتِ عَدْنٍ بحثا عن ملجأ آمن وربما عن وطن لا يقتل أبناءه. وطن لا كَفَن... كما كتب مرّة الشاعر عبد اللطيف إطيميشْ.   
قالها الشاعر صريحة" (( طائرُ الليل الأبيض / يتفننُ بالتغريدِ / هل عُدتَ بأُنثاك أمْ ستنامُ وحيدا ؟ )). ما فنون التغريد في الترجمة وبعد ( تحميض الفيلم وطبعه ) إلاّ المشاعر وأصداء الذكرى القوية التي تترسب في روح  وقلب الشاعر المريض بعد كل زيارة تقوم بها له قرينته ( أُم أصيل ) في مستشفاه. ينام المريض طبعا وحيدا دون أُنثاه التي يُحب. 
يجب ألاّ ننسى أن المريض عادة ضعيف تحت وطأة مرضه، فكيف إذا إجتمعت الوحدة القاسية وهذا الضعف الطبيعي في الإنسان ؟! 
(( دعوتُ عليك حبيبي ثم تراجعتُ )). يسحب المرء دعوته ويتراجع ، فالمحبون تركوه يصارع آلامه وحيدا. ومن ذا الذي يستطيع أن يتحسس وأن يتحمل الشعور بالألم غير صاحب الألم ؟؟؟ من يستطيعُ أن يتعذب أو أن يفرح نيابة عني مثلا، مَنْ، أجيبوا ؟؟؟
إذا تأسّى السيابُ بأيوب الصابر على علله ومصائبه وأوجاعه (1)، فبمن يتأسى صبري هاشم ؟ وبالمناسبة... فإن شاعرنا نبتة أخرى طيبة من نبتات تربة البصرة التي أنجبتْ السياب.  

الآيروس واضحٌ في هذه القصيدة جنبا لجنب مع الطائر، طائر الهوى أو طائر الليل. 
ليس في علم النفس ما يُشير إلى أيما علاقة بين الطير رمزا وبين الجنس. لكنْ، أجل، لكن للطير هنا دلالة عميقة. يتخذ منه الشاعر المريض المعزول في مستشفى نافذة على العالم الخارجي. يغبطه وربما يحسده على ما يتمتع به من حرية الطيران والتجوال وجَوْب الآفاق الرحيبة. يقابل الإنسان المتوحد نفسه مع الطير : أنسان مقيد سجين ومخلوق آخر حر طليق. وفي هذا المقام تحضرني أشعار أبي فراس الحمداني التي قالها أيام أسره في بلاد الروم مخاطبا يمامة تقف على شجرة :

أقولُ وقد ناحتْ بقربي حمامةٌ
أيا جارتا   لو تشعرينَ  بحالي 

أيا جارتا ما أنصفَ الدهرُ بيننا
تعالي   أُقاسمكِ  الهمومَ  تعالي 

أيضحكُ مأسورٌ وتبكي طليقةٌ 
ويفرحُ  محزونٌ   ويندبُ سالي 

إذا ذكر المرحوم السياب في أشعاره إسم قرينته أُم غيلان ( إقبال ) فإنَّ صبري هاشم أعرض عن ذكر إسم قرينته في الشعر الذي بين أيدينا. بدل ذلك نراه يذكر(الأنثى) 
صراحة : هل عُدتَ بأنثاكَ أمْ ستنامُ وحيدا ؟. 

قصيدة ( في الغابة / الصفحة 14) ذكّرتني بأناشيد مدارس الطفولة، يوم كنا نقرأ :

يمامةٌ كانتْ بأعلى الشجرةْ
آمنة"  في   عُشها  مُستتِرةْ 

فأقبلَ  الصيادُ  ذاتَ   يومِ 
....
يبدو أنَّ بعض ذكريات الطفولة ما زالت قوية في ذاكرة صبري. الشعراء أطفال كبار 
لا يعرفون بلوغ الحلم ولا يعترفون به.
قال صبري عن حمامته في قصيدة " في الغابة " ما يلي :

على شجرةِ اللقاءِ الوحيدة الصاهلةِ في الفضاءِ
كانتْ الحمامةُ
أطلقَ الصيّادُ رصاصة" فتطايرتْ أشلاء السماءِ وفزّتْ المدينة.

حمامة صبري هنا هي حمامة رمزية، قد تكون إمرأة : إمّا زوجة أو أُختاً أو جارة أو زميلة دراسة .  " شجرة اللقاء الوحيدة الصاهلة في الفضاء " الشجرة هي رمز واضح للعراق الوطن، عُش الحمائم. أما الصياد إياه حامل الرصاص والمسدسات وبنادق الصيد فقاتلٌ ومجرمُ سمومٍ وحروبٍ وغزو معروف يتزعم عصابة مافيا للقتل والتزوير ونهب وتهريب أموال وآثار العراق. 
بعد أن مزّقَ هذا الصيادُ العراقَ شعبا وأرضا وبدّدَ ما تحت تربة العراق من خيرات وثروات طالت رصاصاتُه أجواءَ العراق العليا ( تطايرت أشلاءُ السماء ). عندذاك، وعندذاك فقط إستيقظت مدن العراق من سباتها وإستيقظ بعض منصفي العرب ومثقفيهم ليدركوا حجم وهول الكوارث والمآسي التي سببها هذا (( الصياد المعتوه القاتل )) لشعب العراق وشعوب بعض الأقطار المجاورة للعراق. 

في قصيدة ( طيف الوليمة ) ذكر الشاعر الطير والحمام أربع مرات. كما أنه ذكر
 الطيور والبلبل ثلاث مرات في القصيدة القصيرة المسماة ( ظلال لا تُنسى ). 

أستطيع القول أن ديوان الشاعر هذا طافح بذكر الطير والبلابل واليمام، الأمر الذي يُفصحُ عن توق الشاعر الأصيل والمُلّح لأجواء التحرر والإنعتاق. الطير يسبح ويُحلّق في الهواء. والهواء هو مادة تنفّسنا وعنصر الحياة الهام. بدونه يختنق الإنسان شاعرا أكانَ أمْ غير شاعرٍ. لقد خصَّ الشاعرُ الطيرَ عنوانا لقصيدة كاملة أسماها ( طائر الجحيم المسحور  ). 

في قصيدة ( موسم الرقص / الصفحة 23 من الديوان ) جمع صبري هاشم الورد والطير والآيروس في توليفة رشيقة تنقّل فيها بحرية طائر عريض الجناح من جو إلى آخر. قال صبري :

وردةُ الحبِ الربيعية 
هذا العام... حطَّمتْ
ميسمها في حوض الشهوةِ 
وحزنتْ أياما
في العام القادم حُبلى جاءتْ
بثوبٍ أبيض
وعلى رأسها عُشُ طيور.
...
طيرُ خَجولٌ
يراقصُ غيمة" 
مُتهتكة"
خرَّ شَبِقا" 
في نهر نهديها.

إذا نامتْ المدينةُ 
دخلَ النهرُ مخدعها
في غياب الحرس.

كذلك شأن قصيدة ( إمرأة / الصفحة 31 ) . لنقرأ بعضا مما جاء فيها :

كُلّما إلتقينا زقزقَ في مُخيلتي جسدها.
عندما تتعرى أمام السماءِ تحتجبُ الشمسُ. 
يهدأ البحرُ عندما يُلامسُ جسدها.
الوردةُ التي زرعتها في الصباح، إرتمتْ على سريري
بكامل أُنوثتها هذا المساء. 
نساءٌ من شعاع
يسقين وردَ الليلِ 
بلؤلؤِ الجسدِ. 

في اليوم الرابع من شهر مايس عام 2001 ( ومايس هو آخر شهور الربيع ) كتب صبري هاشم قصيدة ( من وحي الصيف / ص 38 ). جاءت هذه القصيدة لوحة سوريالية ملّونة لا أحلى منها ولا أبلغ. جاءت صورة حية يعرف تفاصيلها كل من قضّى بعض شهور عمره أو بعضا من أيامه على سواحل البحار الرملية تحت شمس الصيف. هذه الأجواء مألوفة في العالم الغربي بالطبع. وقد يوجد ما يماثلها في بعض الأقطار العربية كبيروت صيفا وإسكندرية مصر. لكني أعرف أن الشاعر ما أمضى بعض صيوفه في إحدى هاتين المدينتين. بلى، أمضى أعواما في عدن. فهل كان يجري على سواحل عدن اليمانية ( الجنوبية ) من الأجواء الصيفية مثل ما رسم الشاعر حقّا ؟ أضع اللوحة أمام القاريء كيما يستمتع بها كما قد إستمتعتُ أنا ( كُلّنا في الهوا سوا ). سأدمج الكلمات وبعض المقاطع القصيرة ببعضها دونما أية إساءة للنص، بالعكس، وجدت ذلك يُكثف الصور وُيزيد من تأثيرحضورها في بؤبؤ عين ووجدان القاريء :

النساءُ الجميلات اللاتي يمخرن عُباب الصيفِ بأجسادٍ ناعمةٍ
يُعطّرنَ أنسامه بحبيباتِ العرقِ المتلاعبةِ على الصدور.
النساءُ الخارجاتُ من كتمانِ الثيابِ يخسرنَ من أجلِ الرغبةِ جميع الأسرارِ.
النساءُ الفاتناتُ المقشوراتُ ينزلقنَ كالحياتِ بماءِ الدهشة.

لا ذكرَ للطيور والزهور هنا. ففاتنات سواحل المصيف يمارسن أقصى درجات الحرية ( النساءُ الفاتناتُ المقشوراتُ ...، النساء الخارجاتُ من كتمانِ الثياب... ) . فالنساء هنا عاريات تقريبا. ثم إنَّ هؤلاء النسوة إنما هنَّ الورود ما بين حبيبات الرمل وماء البحر. 

                               

                              بغداد وصبري والماء 

ما سرُّ ولع الشاعر بالماء ؟ لا عجب، فالشاعر إبن البصرة وقنواتها المتفرعة كشرايين وأوردة البشر. إبن شط العرب وملتقى رافدي وطنه العراق. ليس من عجب إذا ما وجد الشاعر نفسه مُغرما ومطوّقا بالماء. ثم أليس الماء سر وأصل الحياة ؟  حسناً، ولكن ما سر تعلق إبن البصرة ببغداد ؟ 
في قصيدة ( طقس لموت السوسن / ص 81 ) التي أميل كثيرا إلى أنْ أسميها قصيدة بغداد المائية ذكر الشاعر بغداد خمس مرات ، في حين لم يذكر مسقط رأسه مدينة البصرة في مجمل الديوان موضوع البحث ولا مرّة واحدة. هل هو جحود أم شيء يشبه الجحود؟ هل قد نكبتْ الشاعرَ بصرتُهُ ؟ هل له فيها ذكريات أليمة مُرّة ؟ هل؟ هل؟...
أُجزم أنْ لا شيء من ذلك البتة. سنرى عما قليل شدة تعلق الشاعر بأهله، بأمه وأبيه، بنخيل البصرة ، ثم بأصدقائه الذين يُسمّي بعضهم بأسمائهم. يبقى الشاعر وفيا لمهد صباه وفورة شبابه، للبصرة القديمة ومنطقة الصبخة. أُقرر هذا مُفترضا أن صبري لم يُنكبْ بتجربته السياسية في العراق. أو أن هذه التجربة لم تسبب له من المتاعب والمصائب مثلما سببت لسواه من الرفاق والأصدقاء. لنسمع ما قال صبري في هذه القصيدة / قصيدة بغداد المائية ( سأدمج كذلك السطور ببعضها حيث لا أجد ضررا في ذلك أو ضيرا ) : 

قفي نشوى قبلَ أنْ يذبلَ السوسنُ المجنونُ باللقاء 
وجهتنا الماءُ، والماء يمرُّ سحابة" كاذبة" ما أمطرتْ وضاعَ خراجُها  
قفي وارتشفي من شفتين ساحرتين ندى
لكي يبتلَّ أمامنا الطريقُ ، والطريقُ أشواقٌ تُكابدُ المسافةَ 
وجهتنا الماءُ... ولو طُوِّقت المعاصمُ 
وجهتنا الماءُ ... ولو حاصرَ الخواصرَ
وجهتنا الماءُ... ولو أثخنَ في مداعبتنا
وجهتنا بغدادُ وسماواتٌ تتبرجُ في مراياها
تسحرُ آنية" زرقاءَ في مأدُبةِ الجنِّ
وحين تحتمي بالأنجمِ الصاهلةِ بغدادُ
تلوذين بي من وهدة الليلِ .
إلى آخر القصيدة.
إذا كرر الشاعر إسم بغداد هنا خمس مرات فقط فإنه قد ذكر الماءَ تسع مرات. 
قد تكون قرينة الشاعر من بغداد أصلا. هذا مجرد تكهن لا غير. ثم أليس الشوق لبغداد هو الأشتياق إلى العراق الوطن الذي ضاع من الجميع ؟
أما الماء فهو رمز وإشارة واضحة لشدة الظمأ إلى شيء ما، ليس بالضرورة إلى الماء بعينه. قلتُ للتو قد تكون بغداد هي مدينة قرينة الشاعر. دليلي على ذلك ما كتب الشاعر نفسه في هذه القصيدة :

وجهتنا الماءُ
تُرشدنا طيورُ الغسقِ الأخيرِ عبرَ كثافة الطريقِ المُنطفئةِ بالظلامِ 
عَبرنا خيوطَ الليلِ وأجهشتْ عيناكِ بريقا" أوهنه السفرُ
قلتِ لن ترضي بغيرِ بغدادَ قِبلة"
قُلتِ ستحتلُّ أنفاسكِ مسافتي
قُلتِ ستسكنين صمتي
وعندما تجولُ حرائقكِ في شراييني
سوف أُقسركِ على العناقِ يا نشوى
سوف أطبعُكِ على الغناءِ يا نشوى
سوف أُوقفكِ عن البكاءِ يا نشوى
سوف تشرقُ عيناكِ
وجهتنا بغداد 
...
أشرَقتْ عيناكِ
وجهتنا الماءُ
فلا تتركي السوسنَ يغطُّ في نشوةِ الليلِ
وجهتنا بغداد
فلتبتلَّ أيها السوسنُ قبلَ أنْ نصلَ الماءَ.

هل أقومُ بتكثيف القصيدة لتوكيد وإبراز أهم مفاصلها ومرتكزاتها ؟ حسنا، سأفعل :
(( قُلتِ لن تَرضيْ بغيرِ بغدادَ قِبلة" . وجهتنا بغداد . وجهتنا الماءُ )). 
أليستْ القصيدة إذنْ حَرية بأن تُسمّى قصيدة بغداد المائية ؟ 
وجهتنا بغداد. وجهتنا الماء. ونظل نحلم بالرجوع إلى مدينة تُسمّى بغداد. نتشبثُ بها إسما ورمزا وسلوى وتعزية. لماذا يلوذ الشاعر بزوجه حين يذكر الماءَ ويتذكر بغداد ؟ عطش الشاعر مزدوج، عطش إلى عاصمة الوطن وعطش لماء نهريه. 

               ماء صبري وماء توماس إليوت 

يختلف ماء صبري في هذه القصيدة جذريا عن ماء الشاعر الإنجليزي توماس إليوت الذي ورد في المقطع الخامس من قصيدته الشهيرة  الأرض المهجورة The Waste Land  أو الأرض الخراب أو الأرض اليباب. ماء صبري هو ماء الحياة، هو شيء موجود فعلا   ويسعى لبلوغه بكل الوسائل المتاحة. هو رمز وهو أمل ورجاء مرتبط ببغداد الأمل المستهدف والرجاء. فبلوغ بغداد يعني بلوغ هذا الماء. ( بغداد قِبلة / وجهتنا بغداد / وجهتنا الماء ). إذا كانت القِبلة بغداد فمن الطبيعي أن يتوجه في صلاته إليها المُصلّي. والمصلي لا بُدَّ من أن يتوضأ حين ينوي أن يرفع صلاته. ماء بغداد أو ماء العراق هو إذن ماء الطهور وماء الوضوء. لا تتم صلاة الشاعر - وهي ليست إلاّ نجوى، مناجاة خافتة هامسة من بعيد - إلا بالتوضؤ بماء الوطن. الصلاة طقس دين. أما الوطن فقدسٌ وطقسُ عبادة. 

الآن، ماذا عن ماء توماس إليوت (2) الذي تكرر مرارا في المقطع الخامس المسمى   
                     
                     ( What the Thunder said ) ؟؟

أكتب أهم الأسطر التي ورد فيها ذكرٌ للماء :

Here is no water but only rock
Rock and no water and the sandy road
The road winding above among the mountains
Which are mountains of rock without water
If there were water we should stop and drink
Amongst the rock one cannot stop or think
...
...
But sound of water over a rock
...
...
But there is no water.

هنا ماء إليوت لا وجود له البتة. أنه أمنية كبيرة، مجرد أمنية تَغَص بالحسرة. ( صوت ماء على صخرة ). صوت... مجرد صوت يشبه الصدى.
لكي نفهم ماء إليوت جيدا يتوجب علينا الرجوع إلى عنوان القصيدة : الأرض الخَرِبة.
لقد إختلف المفسرون والمحللون كثيرا حول فهم وإستيعاب أفكار ورموز وإشارات الشاعر. فمن قائل إنه كان ينعى حضارة الغرب عامة. وقد تكلم هو نفسه عن سقوط أبراج مدائن معروفة مثل أُورشليم وأثينا والأسكندرية وفيينا ولندن عاصمة بلده (2)  حيث أبدع فعلا في وصف آلية ورتابة حياة أفراد طبقات معينة من الشعب الأنجليزي. لقد إنتقد بسخرية مريرة لاذعة بعض مظاهر الحياة في بدايات القرن العشرين ( نشر القصيدة عام 1922 ). يُضاف إلى ذلك حساسية إليوت التي لا يُخفيها تجاه بلدان أوربا الشرقية يومذاك. فلقد قال في شروح هذا المقطع حرفيا (3) 

(  the present decay of eastern Europe  ) ... تفسخ أو إنحطاط أوربا الشرقية،كواحدة من أطروحات القصيدة الثلاث.العالم يتذكر ما حدث في العقود الأولى من القرن العشرين من تحولات وتطورات وثورات.  في ضوء هذه الخلفية المُبسّطة نستطيع أن نفهم ماء إليوت : اللاماء، الإحباط، القنوط،فقدان الأمل في مستقبل وضّاء. صخر ورمل وجبال صخرية ثم صوت ماء على صخرة، صوت بلا ماء، صدى أجوف. المفارقة الغريبة أنَّ عنوان المقطع الخامس في قصيدة إليوت يتضمن واحدا من عناصر وشروط المطر، الرعد. يأتي المطر حسب التسلسل الفيزيائي التالي : البرق أولا ( ظاهرة بصرية / الضوء أسرع من الصوت ) والرعد ثانيا ( ظاهرة صوتية ) ثم يسقط المطر الذي يُرى ويُسمع ويُلمس ( حاسة اللمس ) بل وقد يُشرب ( حاسة التذوق ). يأتي رعد إليوت ولكن لا يأتي معه مطر. يسأل الشاعر ماذا قال الرعدُ ؟ لم يقلْ هذا الرعد في نهاية الأمر شيئا يُذكر. زخات المطر هي كلماته وقُطيرات المطر هي حروفه وأبجديته. والرعد الذي لا يعقبه مطر ( ماء ) إنما هو رعد أخرس لا لسان له. ثم لم يذكر إليوت البرق ولا السحاب فكيف يأتيه ماء المطر ؟ 

                                 خواطر قارع الطبل 

في هذه القصيدة قوة جذب مغناطيسي من نوع وطعم ولون خاص. فيها حزن شفّاف يأخذ بالألباب. أدمنتُ قراءتها حتى باتت جزءا من ساعات يومي المكرسة للقراءة والكتابة فأين منها المفر ؟ (( بذلتُ لها المطارفَ والحشايا / فعافتها وباتتْ في عظامي // أبو الطيّب المتنبي )). جمع الشاعر في هذه القصيدة ذكريات أربعة اشخاص من أفراد عائلته ثم أضاف إليهم  شجرته الأثيرة وسيدة الشجر المُجتنى : النخلة. (( شَرِبنا ماءَ دجلةَ خيرَ ماءٍ / وزُرنا أشرفَ الشجرِ النخيلا // أبو العلاء المعري )). إفتتح القصيدة بحوار جرى بينه وبين أبيه الراحل. الأب يوصي إبنه أن يغادر الوطن لكي ( ينجو من غول الظلمة ). الأب إذن كان يتوقع ما سيصل إليه الحال لاحقا في العراق. الوالد يبالغ في دفع ولده إلى المغادرة ( لتموتَ مُشرِّقا ). أن تموتَ عزيزا في الغربة أفضل من الحياة ذليلا في الوطن. الغربة في الوطن موت بلا كفن. كان الوالد عرّافا يقرأ المسقبل والغيوب. كان يتوقع ما حصل للعراق منذ 1968 وما يحصل له اليوم الجمعة من شهر آذار ( 28/3/2003 ) . بغداد تحترق والناصرية تحترق والسماوة والنجف والموصل وكركوك. والبصرة ركام ورماد ومياه آسنة. البصرة خراب. صواريخ الحلفاء تدك قصور الجلاّد دكا، والجلاّد المعتوه قابع في جحوره العميقة تحت الأراضين جرذا خائفا مذعورا. 

في وسط هذا الركام والدمار الشامل لأسلحة التدمير الشامل يتذكر الشاعر ملامح والده الجميلة. معه حق. لا بد له أنْ يُفتش عن سلوى تُنسيه المحنة. يسأل هل كان أبوه جميلا ؟  يجيب (( أُقسمُ أنه كان أجملَ من خصوبة العُشاق )) ثم يُضيف (( وأبي كان حالما وكان حليما وكان عادلا وكان حكيما )). أليست هذه بعض صفات رب العالمين بعينها ؟ بلى، الأب رب والرب أبونا، أبو الجميع في الديانة المسيحية. بعد غيبة الموت يعود الأب إلى الحياة ولكنْ لا ليسأل الشاعرَ عن شقيقته زينب. لماذا ؟ لأنَّ الوالد قد غادر الحياة قبل مولد الطفلة زينب، فما معنى السؤال عنها إذا كان لا يعرفها وما كان قد رآها. (( رحل أبوك قبل الأوان فلم يعدْ يعرف زينب )).

بعد موتهم يتراءى الآباء لنا بين الحين والحين في بعض أحلام ليالينا التعيسة، وحين تَدَلهمُّ أمامنا الخطوب. نطلب منهم العون وأن يشدوا أَزرنا. أَلمْ يظهر والدُ هاملِتْ لهاملت شبحا هائلا فوق أسوار قلعة آلسينور في الدنمارك يحثه أن يأخذ له الثأر من قاتله وغاصب زوجه وعرشه ؟؟  
صبري الوفي لأهل بيته لا يدع هذه المناسبة تمر دون أن يهتبلها ليقدم شقيقته إلى أبيهما الذي رحل قبل الأوان :

صرختُ خلفه لقد كَبُرتْ زينبُكم يا أبي 
وشبّتْ عن الطوق
تسامقتْ نخلتُنا وناطحتْ الغيمَ
إنحنى ظهرُ جدّي
وصار قوسا لفجيعتنا
وأُمي ؟! 
آه يا أبي
لم تَعدْ تهتم بالديرم ولمّةِ الخلاّن
... 
جسّدَ الشاعر في هذا المقطع أحد قوانين جدلية الحياة المعروفة. الأخت الطفلة زينب تكبر مع الزمن وتشب عن الطوق. أمر طبيعي يتسق مع نواميس الزمن وفعل حركته الدؤوبة. في عين الوقت تكبر نخلة الدار وتتسامق وتعلو حتى تتناطح مع الغيوم الشاهقة العلوّ. في قمّة الفرح وغَلبة الصحة هذه تأتي الظواهر النقيضة : إنحراف خط التطور البياني عن مساره المستقيم نحو الأعالي وهبوطه بإتجاه التدهور في الصحة وكل ما له علاقة بالصحة والنمو وتطور خلايا جسد الإنسان. يضع الشاعر شباب أخته الصاعد مقابل شيخوخة جده. ( إنحنى ظهرُ جدي وصار قوسا لفجائعنا ). نخلة برحي البصرة المشهورة تناطح الغيم صُعُدا وشموخا في وقت تنحني فيه قامة الجد المُتعَب. مرة أُخرى يقابل صبري ما بين حركة إتجاهين فيزيائيين متضادين. النخلة تتجه بجذعها وسعفها وأعذاق تمورها نحو الأعلى بينا تتجه قامة جده نحو الأسفل، نحو الأرض، مسار حثيث نحو القبر. مقابلة جدَّ ذكية تهز العصب والوجدان ( صورة درامية ). سار صبري في أُسلوب وفن ( تكنيك ) الجمع ما بين النقائض على عكس ما نعرف من شعر بعض قدامى الشعراء. فلقد قال شاعر أجهله :

وكلُّ شديدةٍ نزلتْ بقومٍ 
سيأتي بعد شدّتها رخاءُ 

كما دأبت المرحومة والدتي أن تقولَ وقتَ الأزمات (( ما تضيق إلاّ وتفرج )).
صبري كما سبق وأنْ أشرتُ مع الحزن، حزن النفس الحقيقي العميق وليس حزن الطقوس الخارجية التي يُعبّرُ البشرُ عنها عادة بالدموع والنشيج وشق الجيوب ولطم الخدود والصدور وضرب القامات والزناجيل. ليست الأقدار، إنما جدلية الطبيعة المفروضة على الإنسان والتي لا رادَّ لها هي ما يؤلم ويُحزنُ صبري الإنسان والشاعر والمناضل من أجل المُثل والحرية. لنتذكّر أنَّ الشاعر يُعاني من أزمات قلبية. وإنه هو البصري الدافيء والإنسان الذي يمتزج تواضعه بأدبه الجم.

يعود الشاعر في نهاية القصيدة إلى مخاطبة أبيه الذي رحلَ قبل الجميع. يستحضره من رقدته تحت الثرى لا لشيء إلاّ لكي يُخبره عن رحيل زوجه أُم الشاعر. هنا قد إختصر الشاعر الحياةَ الطويلة العريضة لعموم العائلة. جمع في لحظةٍ واحدةٍ طرفيها الأب والأم لكي يُعلن عن غياب الأم. الحضور - الغياب. يحضر الغائب بالوفاة ليشهد غياب الحي. لقطة رائعة وجدَّ مؤثِّرة يا صبري. (( لم تَعُدْ تهتم بالديرم ولَمّةِ الخلاّن. لم تعد تحفل بالناي فجرا. ولا بوقع الخطى ليلا. لم تَعُدْ. لكنها يا أبي... ماتت في خاتمة المطاف. ماتت كَمَدا )). تمّت أخيرا دورة الحياة وإنغلقتْ. ويبقى الشاعر منفيا بعيدا عن أرض البصرة الخراب. عليل القلب يذوب حَسَراتٍ مع ذكريات صديقه عبد الواحد خَلَف الحسن الذي (( آثر أن يعيش وحيدا بين إناث حبيبات، تارة غريبات، وحدائق تتنفس بلا رئات. أدمنَ الفقرَ المُدقع، كتابة الأشعار، تقليد الطيور والبيات على الطوى / من قصيدة طائر الجحيم المسحور/ص 76 - 80 )). 
لا أكاد في نهاية المطاف أجد فرقا من حيث الطبائع بين صبري وصديقه عبد الواحد. روحان حلاّ بدنا... حسب تعبير الصوفية. 
                                    
                             ختام 

يبقى من حقنا أنْ نتساءل عمّن يكون قارع الطبل ؟ من هو هذا القارع ؟ الشاعر أم الوالد أم لا هذا ولا ذاك ؟ نحن من تراثنا الديني نعلم أنَّ علامة قيامة الموتى يومَ البعث والنشور هو النفخ في الصُورِ وليس قرع الطبول. أحسب أنَّ قارع الطبل هو الوالد هاشم عبد العالي نفسه. الوالد الذي شجّعَ ولده على الرحيل ( لينجو من غول الظُلمة ). الأب المُتمرس بالسياسة وقاريء الطوالع وعالم الغيب والشهادة. هذا الأب هو الذي دقَّ ناقوس الخطر قُبيل حدوث الكارثة ووقوع المحظور. 
قارع الطبل كان قد تنبّأ بقرب قرع نظام بغداد لطبول الحرب ضد العراقيين وجيران العراق حربا وغزوا وسموما وأسلحة كيمياوية. كان المرحوم يعرف طبيعة الأنظمة التعسفية الإستبدادية والفاشيّة. كان يعرف ما سيؤول إليه حال العراق وأبناء العراق وجيران العراق.

هوامش /

1- ديوان بدر شاكر السياب (( شناشيل إبنة الجلبي وإقبال )) / دار العودة، بيروت 1979 )).
2- المصدر الأول (( ديوان منزل الأقنان / قصيدة سِفر أيوب وقصيدة قالوا لأيوب )).

3- T.S. Eliot (( Collected Poems  1909 - 1962 / Faber and Faber , London 1986 . PP. 76 - 79 )).

4- المصدر الثالث / الصفحة 84 .  

CONVERSATION

0 comments:

إرسال تعليق