تجربة كلكامش وبصيرة الأب يوسف جزراوي/ هناء السعيد

اديلايد

انها ليست بالفكرة العارضة في ان تكتب عن كلكامش ذلك الملك الاوروكي الذي عاش منذ الاف السنين على ارض النهرين وخلد بأفعاله وأعماله التي خدمت الانسانية الى يومنا الحاضر .... تلك الملحمة حملت بين طياتها الكثير من العبر والدروس التي لابد من التوقف عندها و تأمل ما فيها من كم ومدى لانسانية شفافه اريد بها السمو وبناء الاخر ....
 البحث الذي تناوله الاب يوسف جزراوي في كتابه الموسوم قراءة جديدة للمعاني الانسانية في ملحمة كلكامش نجد العديد من الجوانب التي كنا نغفل تفاصيلها منها اجتماعية انكيدو, مبدأ الشورى وسماع صوت الاخر ,حب الحياة منبع للخلود,والكثير من الاشراقات والتوضيح التي جاء بها الاب جزراوي في بحثه ..
ان لموت انكيدو وتأثيره المباشر على شخصية وتكوين كلكامش يراها الاب يوسف انعطافه كبيرة في حياة كلكامش حتى يصل برأيه ان بطل الملحمة هو انكيدو لا كلكامش حيث بموت انكيدو او المعلم انكيدو كما سماه الاب يوسف هو حدث مفاجئ لكلكامش احدث ندوبا في روح كلكامش وجعلت منه انسان يشعر بالجدب الروحي والخواء .. فترك لنفسه العنان في البحث والمشقة والاكتشاف في رحلة البحث عن الخلود .. وهل ان الخلود وهم غير جوهري؟ ..
في رحلة الصديقين كلكامش وانكيدو هناك رحلات للبحث عن الهوية الذاتية للانسان والتي تكمن في جعل حياتنا ذات مغزى ومعنى واسع.
ان الصورة التي انطوت عليها الملحمة كانت لتنفي ما جاء من الشائع بعدمية الحياة وعبثيتها ولكن الذي يجري في احداث الملحمة يوثق ان البطلين ارادا اثبات الادراك الذاتي وتحكيم وتفعيل الوعي في مسار الحياة بحيازة هدف سام له ابعاد شفافه تبعثر ضبابية حيواتنا .
الذي ارادته الملحمة ان تخبرنا به هو مقاومة الهزيمة وعدم الانزلاق في وهدة اليأس .. كما وان في الطبيعة نصوص مفتوحة للقراءة والافكار التي يمكنها ان تحررنا من الملل والضجر وجعلنا مخلوقات بشرية محبة متحررة من الانا العليا ..
هكذا بدأت رحلة كلكامش الطويلة وامتدت الى انجاز وتحليل الاب يوسف في تأملات وتفعيلات مثابرة من اجل الوصول الى حقة الحياة .
بين طيات الكتاب يحاول الكاتب ان يكشف وجوها مختلفة للملحمة غير ذلك الوجه التقليدي  حتى انه يذهب الى حوار موسع مع الذات والاخر بصور شتى واراء حرة ومكملة لطبيعة الموضوع (الملحمة) لذا فأن الاسئلة التي تطرح في فقرات الكتاب تكاد تكون اشتغالات ماضوية تحركها اللغة الحاضرة . وعند قراءة الكتاب تجد رسوخ الثقافة البابلية بمدياتها الانسانية العميقة والوعي المشتغل على ازالة العوالق.

القراءة في كتاب الاب جزراوي لا تنتهي فهي حتى اخر صفاحاتها تشعر انك ما زلت في اول صفحة .. يمتلكك الاحساس بجمالية النص وروح
العمل المثابر من اجل حياة تستحق العيش .

CONVERSATION

0 comments:

إرسال تعليق