أوراق عن الإنسان والشيطان/ شوقي مسلماني

1 (أهلاً بالرفيق) 
قال لي أنّه يوماً لم يكن في حزب شيوعي، وعلى الرغم هو مشهور بالشيوعيّة، وسألته عن تاريخه، فقال أنّه طالما انتصر للطبقات المسحوقة كالفقراء والعمّال والفلاّحين المضطهدين، ووقف ضدّ الإقطاع والرأسماليين المتوحّشين. ولمّا رآني أبتسم، وأنا أسمع منه ذلك، سألني عن ابتسامتي، فلم أجد نفسي إلاّ وأنا أقول له: "أهلاً بالرفيق".

2 (الدين وكارل ماركس)
وقعتُ على أوراق كتبتُها في زمان مضى، وها أنا أشارككم ورقة منها، آملاً أن يكون فيها ما يفيد: "الدين هو تنهيدة المقهور في عالمٍ قاسٍ بلا قلب، الدين أفيون الشعب" قال كارل ماركس عندما نظر في زمانه إلى حال الناس، وليس إلى حالهم في البلدان المسحوقة وحسب، بل وتحديداً في الدول المتقدّمة، مثل بريطانيا، ألمانيا وفرنسا. لا شأن لاختلاف المترجمين حول ترجمة كلمة  “sigh”  عندما ترد في كتابه "نحو نقد فلسفة الحقّ الهيجليّة" الصادر سنة 1844:  “Religion Is The Sigh Of The Oppressed Creature”  حين بعضهم ترجمها إلى "زفرة" ترجمها بعضهم الآخر إلى "آهة" أو "تنهيدة". والشأن هو لهذا التزوير باجتزاء عبارة "الدين أفيون الشعب" من سياقها، وجمع مفردة "شعب" إلى "شعوب" لغاية خسيسة. كارل ماركس فيلسوف له نظرة إلى الحياة والوجود، ولم يكن رجل دين، وهذا معلوم، ومع ذلك لا أحد قبله أوجز الدين بهذه العبارة الرقيقة والمنصفة لجهة أنّه مسكّن لآلام الناس المضطهدين عندما يتعرّضون للإستغلال الإقطاعي والرأسمالي معاً. ومعلوم أنّ الأفيون في زمان كارل ماركس لم تكن له الدلالات القاسية التي هي له اليوم بقدر ما كان الأفيون مخدِّراً، ومسكّناً للآلام أكثر.."

3 (أيضاً) 
بشأن آسيا، كشف كارل ماركس بؤس علاقات الإنتاج القديمة، وبؤس عتادها في مواجهة قوّة علاقات الإنتاج الحديثة، وقوّة عتادها، وفيما كانت آسيا تبحث عن موطئ قدم لها آمن من آلام وعذابات، بسبب من المستعمر الإنكليزي، كان ماركس يحضَّها، وخصوصاً هندوستان ـ بلاد الهند، على الثورة ضدّ قديمها البالي، وضدّ المستبدّ الإمبريالي الغربي.  

4 (قال لي)
قال لي: " هل تلاحظ أنّ انهيار الإتّحاد السوفياتي في الربع الأخير من القرن العشرين انفتح معه في الربع الأوّل من القرن الحادي والعشرين وفي العالم العربي تحديداً صندوق "بندورا" الإفتراق الإنساني طائفيّاً ومذهبيّاً وقبليّاً وعشائريّاً وعبثيّاً، هل توافق أنّهم دمّروا أخيراً صرح الإتّحاد السوفياتي على رؤوس أبناء المستعمرات التي يسمّونها اليوم "بلدان العالم الثالث" المقهور، الحزين، البائس أو اليائس؟.
**
هل يجوز أن يكون ثمن السلعة أضعاف ثمن الكلفة؟.
**
عوض أن تشاهد نشرة الأخبار من فضائيّة لبنانيّة شاهدها على فضائيّة لجماعة الكاز والغاز لأنّه بحضرة "الأصيل" ماذا الحاجة إلى "فوتو كوبّي" أكثر رداءة.

5 (عدالة المجرمين) 
"وتبيّن للقاضي في تلك المحاكمة، ولمساعِدَيه العسكريين الجالسَين معه إلى طاولة مستطيلة، حيث واحد هو يمينه، والآخر هو يساره، أنّ المتّهم بإيواء "المخرّبين الفلسطينيين" هو مجرّد فلاّح بسيط، وأنّ اعترافاته لا تعدو أن تكون اعترافات يعرف المحقّقون أساليب ناجعة لانتزاعها، ولكنّ الإقرار بهذه الحقيقة يترتّب عليه عواقب وخيمة، فالفلاّح في السجن منذ خمس سنوات و11 شهراً، من دون محاكمة، والنظام القضائي في البلد لا يحتمل التشكيك بانتظامه وعدالته، هذا عدا عن التعويض الذي قد يطالب به الفلاّح إذا ثبتت براءته، وما أكثر الموقوفين أو المسجونين الأبرياء من أمثاله، ولذلك قرّر القاضي بعد مشاورة زميليه تثبيت الجرم، وإصدار الحكم بحبس الفلاّح ستّ سنوات، وبما أنّه انحبس خمس سنوات و11 شهراً يُسجن بعدُ شهراً ويُطلق سراحه".

6 (النازي الجديد) 
"ذاته، أمام عدسات التصوير ساعد عجوزاً متهدّماً على عبور شارع في منطقة حظر التجوّل، قال لصديقه أنّه خلال حملة المداهمة وإخلاء البناء المُصادر وجد في شقّة من الطابق الخامس أمّاً وطفليها، فساعدهم على المغادرة، ولكن ليس من طريق المصعد الكهربائي، وإنّما قذفاً من النافذة.

7 (كلمة)
على قدر الإنسحاب يتقدّم الماضي.

 8 (داعش والنصرة) 
قال له: مقالٌ جيّد لولا أنّه يخرج عن السكّة عندما لا يذكر إيران إلاّ مقرونة بالشيعة، ولا يتعامل بالمثل مع تركيا أو السعوديّة، مثالاً لا حصراً، وعندما يقول بغبطةِ إسرائيل أن تكون روسيا في سوريا حاجزاً بينها وبين الجماعات الإسلاميّة المسلّحة، كأن لا جرحى للجماعات أيّاها في مستشفيات إسرائيل ذاتها، ولولا أنّه يذكر طموحات بوتين "الإمبراطوريّة" المتخيّلة، متجاهلاً الإمبراطوريّة الأميركيّة المتحقّقة، ولولا أنّه يبرّئ ساحة "الجيش الحرّ" و"الفصائل الإسلاميّة الوطنيّة" وكأن لا من سمع بتصريحات لقادة من كلّ أولئك لا تقلّ قباحة في المذهبيّة والعنصريّة والوحشيّة عن تصريحات لجماعات مثل داعش والنصرة.

9 (محاولة) 
الخصم لروسيا يقول أنّ وجودها في سوريا تعبيرعن طموحات "إمبرياليّة"، والصديق يقول: "وجودها في سوريا محاولة لفكّ الحصار المدمّر الذي تفرضه عليها أميركا وذراعُها الشرس حلفُ شمالي الأطلسي". 

10 (الدم السوري) 
قال أحدهم من محلّةٍ في بيروت أنّه كانت له ليلة أمس "سهرة حلبيّة" حيث كان الكلّ و"حتى الويسكي (متضامن) مع الثورة السوريّة". وردّ عليه مواطن سوري قائلاً: "اشربوا نخب دمائنا كلّما حلا لكم، وأينما كنتم، لا بأس في ذلك ما دام دمنا خمركم". 

11 (الثالث) 
نسِر وثلاثة: "بغل، دبّ وثالث". النسِر يُطمِّع البغل بأنّ الثالث "إذا صدّيناه معاً" لن يمتطيه بعدُ. ويُطمِّع الدبّ بأنّ الثالث "إذا تحالفنا ضدّه" لم يعكّر صفوه بعدُ. والنسِر ذاته يخشى أن تفتر قبضته دون الثلاثة. البغل والدبّ يدركان حال النسِر، وفي آن هما مدركان لحالهما المتوتّر. والثالث "جاهل" يضع رقبته حيث تتكاثر الحوافر والأنياب والمخالب والمناقير والبراثن والسيوف دائماً. 

12 (الوحشيّة)
أنت مدعو كي تتأمّل في وحشيّة حيوانات، عالِماً أنّ ذاك لن يُقِرّ لك، بل سيبرّر مدّعياً أنّها وحشيّة طبيعية في الحيوانات، وأنت، ولطفاً منك، وكأنّما عنه ستقول: "وأيضاً انظرْ إلى هذه الوحشيّة في بني الإنسان"!.

13 (صديقي الشيطان) 
ـ إلى فضل عبد الحي ومنه ـ
"قال إبليس أنّه ملاك يطلقون عليه اسم الشيطان. وسألني عن إسمي فقلتُ له: أنا الشيطان ويطلقون عليّ اسم: فضل عبد الحي". 
Shawki1@optusnet.com.au 

CONVERSATION

0 comments:

إرسال تعليق