سد النهضة سيقتل هبة النيل/ رأفت محمد السيد

هل يتخيل احد أنّهَ خلال العشرين سنة القادمة سيكون هم الحصول على الماء اكبر من هم الحصول على البترول ، بل إن هناك من  يتوقع حروباً عالمية بسبب الماء، هذا بالإضافة الى التغيرات المناخية التي تلعب دورا متزايدا تدميريا في امكانية الحصول على الماء ، ويعتقد الكثيرون اننا سنبدأ بالمعاناة في الحصول على الماء، وهذا ماسيجعل قطرة الماء ستكون اغلى من قطرة البترول ، لذا لابد من الإهتمام بكل الامور التى تتعلق بمستقبل مصر الذى هو مستقبل نهر النيل العظيم ، ولاأبالغ حين أقول أن الإستهانة والتخاذل حتى هذه اللحظة ببناء سد النهضة الاثيوبى شئ مخزى ، فحتى دولة اثيوبيا المجهولة ( مع إحترامى لجميع الدول الإفر يقية ) صارت لاتعبأ ولاتهتم بمحادثات مصر ولاإجتماعتها ولا حقوقها فى مياه النيل ؛ ومازلت احذر من أن سد النهضةسيكون  له آثار سلبية وخيمة على بوار مساحات كبيرة من الأراضى الزراعية ، وتملح جزء كبير آخر، وانخفاض فى منسوب المياه الجوفية، وانكشاف العديد من مآخذ محطات مياه الشرب والمصانع الواقعة على نهر النيل وفرعيه، وأن تلك الآثار سوف تمتد لتؤدى إلى تشجيع بقية دول الحوض على تنفيذ مشاريع، وباستثمارات دولية فى الزراعات المروية والسدود الكبرى والمتوسطة، وإثيوبيا ستنشئ بقية سدودها الكبرى على النيل الأزرق
فمن المسلمات  التاريخية أن نهر النيل بالنسبة لمصر والمصريين ليس فقط شريانا للحياة ومرادفا للتنفس، بل هو أيضا جزء من الوجدان العميق لأبناء هذا الشعب على مر العصور، باعتباره واهب الحياة، وسر الوجود ، وقد لايعرف الكثيرون أن نهر النيل  من فرط أهميته للمصريين منذ فجر التاريخ، أن الفراعنة قدسوه في بعض المراحل ، وجعلوا منه إلها وسموه "حابي"، وكانت تقدم له القرابين في عيد وفاء النيل. حتى أن هيرودوت عندما زار مصر، أدرك هذا الارتباط الأزلي العميق ، فأطلق مقولته الشهيرة "مصر هبة النيل"، ورغم أن نهر النيل هو الحياة بالنسبة للمصريين إلا أن المسئولين فى مصر لم يفطنوا حتى هذه اللحظة إلى حجم الخطر الذى يحيط بنا ،والمؤامرات التى تدبر للتحكم فى موارد مياه نهر النيل لاسيما من عدونا اللدود الذى يتربص بنا على الحدود ، فقد شغلت الصراعات السياسية الدائرة  بين الأحزاب والأفراد لتحقيق مصالح شخصية المجتمع ككل إلى حد عدم إدراك خطورة مانحن فيه الأن ، أنه خطر عام قد يتسبب فى هلاك المصريين جميعا – فهل يتصور احد أن المستقبل القريب جداستكون فيه  نقطة المياه اغلى من نقطة البترول ، هى سنوات قليلة لو لم نستيقظ من ثباتنا العميق ويتحقق ماأقول وماقاله قبلى كثيرون .
هناك  مؤشرات وإشارات  ودلالات  كثيرة تعكس أن مكانة مصر وثقلها الإقليمي في حالة تراجع كبير. وقد ساد الإحساس لدي قطاع كبير من المهتمين والمتابعين بأن الأزمة ليست مقتصرة على مطالبات من دول المنابع بشأن احتياجاتها التنموية، بل تتجاوز ذلك بكثيرلتحقيق أهداف أخري ذات طابع سياسي واستراتيجي بالنسبة لتصورات وطموحات بعض القادة في هذه الدول ، يضاف إلى ذلك انفصال جنوب السودان وتحوله إلى دولة مستقلة، مما مما زاد الأمور تعقيدا لاسيما وأن مشروعات استقطاب الفواقد التي كانت تعول عليها مصر في الحصول على كميات إضافية من المياه، تعينها على سد الفجوة المتزايدة في احتياجاتها.وعقب التغيرات التي حدثت ،عقب ثورة 25 يناير والانشغال المصري بالتفاعلات الهادفة إلى بناء نظام سياسي جديد، قامت دولة سادسة من دول المنابع، هي بوروندي بتوقيع اتفاقية عنتيبي، الأمر الذي سوف يقود إلى دخولها حيز التنفيذ، وقد تبع ذلك إعلان إثيويبا عن البدء الفعلي في إنشاء سد النهضة أو سد الألفية العظيم لتخزين مياه النيل وزيادة حقها بمعدلات فائقة من اشقائها العشر دول "حوض النيل مما يسبب أضرارا كبيرة لقتل الثروة الزراعية والحيوانية وتعطيش الموارد البشرية وتصبح نقطة المياه في الفترة القادمة عملة نادرة لمصر والسودان متجاهلة اللجنة الثلاثية المصرية الاثيوبية السودانية التي تفاوضت من قبل لتقييم أثاره السلبية كما تجاهلت ايضا  كل الاتفاقيات التاريخية التي تلزمها بعدم البناء الا بموافقة مصر!
وينبغي في النهاية أن نؤكد أيضا أن ما تحصل عليه مصر من المياه هو حق اصيل لها ، وليس منحة من أحد، لأنه هبة من الله منذ آلاف السنين. كما أن مجريات الحياة الاقتصادية والاجتماعية، وقدرة مصر على البقاء على قيد الحياة تتوقف على نهر النيل. ومن ثم، فإن مصر لديها قضية عادلة يجب أن تكون على راس أولوياتها ، على الحكومة المصرية أن تظهرللعالم كله أنها ستدافع عن هذه الحقوق المدعومة بالتاريخ ، وبالقانون، وبالاحتياجات التي لا يمكن الاستغناء عنها مااسوأ حالك أيها النيل العظيم فبعد أن قدسوك أهملوك لدرجة الضياع وضياعك هلاك للمصريين – حفظ الله مصر وحفظ شعبها العظيم 

CONVERSATION

0 comments:

إرسال تعليق