حرب بوتين على الإرهاب/ راسم عبيدات

واضح بأن الرئيس الروسي بوتين هو من يمتلك زمام المبادرة في الحرب على القاعدة ومتفرعاتها من "داعش" و"النصرة" وغيرها من المجاميع الإرهابية في سوريا،وبوتين يقرن القول بالفعل في حربه على الجماعات الإرهابية،ذاك السرطان المتفشي،والذي قد يحرق الأخضر واليابس إذا لم يجر التصدي له ومجابهته بشكل جدي وحقيقي وفاعل،ورأينا كيف ارتعبت العواصم الأوروبية وفي المقدمة منها باريس بعدما ضربها وهز أركانها إرهاب "داعش" ودق ناقوس الخطر لديها بأنه يجب عليها إعادة النظر في سياساتها ومواقفها تجاه القيادة السورية وتجاه" داعش" ومنظمات الإرهاب الأخرى.

بوتين عندما قرر المشاركة الفعلية الى جانب الجيش السوري وقوى المقاومة الأخرى في حربها على الإرهاب في الشام من خلال التغطية الجوية للجيش السوري وقصف قواعد ومقرات وتحصينات الجماعات الإرهابية جواً،يدرك تماماً بأن ذلك يتعارض مع الإستراتيجية الأمريكية والأوروبية الغربية ومعها توابعها من "اسرائيل" ومشيخات الخليج العربي والخليفة السلجوقي التركي،فهم من جهة يعلنون بأنهم يحاربون "داعش" عندما تقوم بضرب الجماعات المتنافسة معها والتابعة والمحسوبة ل وعلى ذلك التحالف حيث يتم توظيفها واستخدامها لضرب الجيشين السوري والعراقي،ولذلك تعرض الرئيس بوتين الى حملة اعلامية كبيرة ومسعورة مترافقة مع حملة خداع وتضليل كبيرتين،بأن بوتين سيغرق في المستنقع السوري،وبأن الإستراتيجية الروسية ليست فعالة في محاربة "داعش"،وبان التدخل الروسي سيعقد ويؤخر الحل السياسي في سوريا،ولكن بوتين يدرك تماماً ما يريده،وهو اجتثاث الإرهاب،وتامين المصالح الروسية،وعدم ارتداد هذا الإرهاب إلى الأراضي الروسية،ولذلك شهدنا الإنجازات العسكرية المتحققة على الأرض من قبل الجيش السوري وحلف المقاومة،والتي أربكت الحلف المعادي ولم يعد يمتلك استراتيجية ومواقف سياسية واضحة،بل شهدنا تنقلات وتغيرات وتبدلات في المواقف من النقيض الى النقيض،تارة بقبول حل سياسي مع بقاء الرئيس الأسد،تارة يغلف بفترة إنتقالية واخرى بإنتخابات ديمقراطية،ولكن سرعان ما نجد بان واشنطن وحلفها المعادي يتراجعون عن ذلك ويعودون للغة التصعيد من جديد وشرط الموافقة على الحل السياسي برحيل الأسد.
بوتين استراتيجيته واضحه ومواقفه ثابته،حل سياسي أولوياته القضاء على الإرهاب بمجاميعه لا يوجد إرهاب جيد وإرهاب سيء،ومصير الرئيس الأسد يقرره الشعب السوري.

الرئيس بوتين بعد ثبوت إسقاط الطائرة الروسية في سيناء من قبل "داعش" قرر ان يغير قواعد اللعبة على نحو كبير،وفي مؤتمر انطاليا بتركيا،قمة العشرين،كان واضحاً بالقول بان هناك عدد ممن يشاركون بالقمة دولهم هي من تدعم وتساند الإرهاب عرض بالصورة والصوت والدليل القاطع،ومن خلال الأقمار الصناعية الروسية،وهنا المقصود بشكل جلي مشايخ السعودية وقطر وجماعة الخلافة السلجوقية وامريكا، وخاطب الزعماء العرب في قضية الحرب على الإرهاب،بأن الزعماء العرب يفتقرون الى هرمون الرجولة من اجل إتخاذ قرارات مصيرية بالحرب على الإرهاب،ولاحقاً قصفت الطائرات الروسية اكثر من خمسمائة صهريج ل"داعش" ينقلن البترول السوري المسروق الى العراق ومن ثم الى تركيا ليجري بيعه وتقاسم أثمانه مع "داعش".
بوتين قرر إدخال أسلحة استراتيجية الى ميدان المعركة ضد "داعش" طائرات وقاذفات توبوليف (22) و(95) و(150) من أجل تدمير تحصينات "داعش" وإختراقها في الرقة وإدلب وحلب،وكذلك استخدام صواريخ كروز والبوارج الحربية في هذه المعركة، وهذا يعني بان الروس يمسكون بمقود الحرب على الإرهاب،وهم في الطريق الى فرض معادلات إقليمية ودولية جديدة في المنطقة،وشكل الحل السياسي ونوعه سيفرضه الواقع والميدان بالتعاون والمشاركة الأساسية للجيش سوري وحلفائه من حزب الهي وايران،وتصعيد اوباما وتوابعه قبل رحيله بالدعم العسكري للجماعات الإرهابية وبما يشمل احدث الأسلحة،لن يخيف لا روسيا ولا سوريا،فلافروف وزير الخارجية الروسي، قال بأن امريكا والغرب لا يتعرضون ل"داعش" عندما تهاجم الجيش السوري.
فرنسا التي كانت الأكثر عداءاً لسوريا والقيادة السورية،بعد ان هزت أركان عاصمتها باريس تفجيرات وهجمات "داعش" أصبحت اكثر استعداداً للتعاون مع روسيا في محاربة الإرهاب،وكذلك لا نخال تركيا تصمت على دخول القاذفات الروسية الإستراتيجية لأجوائها لضرب "داعش" في الرقة وغيرها،لولا ان بوتين فضح تواطؤها مع "داعش".

الحسم الإستراتيجي للمعركة بإجتثاث الإرهاب في سوريا سيعجل ويسرع في الحلول السياسية للأزمة السورية وغيرها من ازمات المنطقة،فهناك ترابط في الحلقات من أوكرانيا وحتى اليمن،ولا نخال القيصر بوتين دخل الحرب على الإرهاب لكي يخرج من هذه الحرب مهزوماً،فكل قناعتي بأنه يتقدم بروسيا بخطى ثابته نحو التسيد على العالم ورسم خرائطه ومعادلاته وتحالفاته من جديد،فكما إستطاع جوزيف ستالين الزعيم الروسي إلحاق الهزيمة بالنازية الألمانية في الحرب العالمية الثانية وإنقاذ البشرية من ويلاتها وشرورها،فبوتين بإلحاق الهزيمة بالإرهاب واجتثاثه،سينقذ البشرية جمعاء منه،وسيعري كل من كانوا يدعمونه ويساندونه خدمة لمصالحهم واهدافهم واجنداتهم،واخال بان الكثير من القيادات والزعامات ستكون ضحية المشهد والصمود السوري،وكذلك فالكثيرون ممن وقفوا ضد سوريا والأسد سيتذللون العودة إليها.

وربما بعد هذا الدرس القاسي والمؤلم للحكام العرب لهم بالتآمر على شعوبهم وامتهم،والمشاركة في إغتصابها وتدميرها،نجد منهم من يتخلى عن عقدة الإرتعاش السياسي الدائمة في التعامل مع امريكا والغرب،وقد ينجح بوتين بعد هذا الإنتصار الكاسح في غرس هرمون الرجولة في العديد منهم.
بوتين هو زعيم هذا العصر بلا منازع اعاد لروسيا هيبتها ومكانتها الطبيعة في كل المجالات والميادين،كم نحن في العالم العربي بحاجة الى قادة من طراز هذا الزعيم ..؟؟؟؟

CONVERSATION

0 comments:

إرسال تعليق