خواطر حول الهجمات في باريس الآخيرة/ فراس الور

هذه دول كبرى لها وزنها الإستراتيجي و السياسي و العسكري...فرنسا ليست دولة عربية تشتري سلاحها بالدين من بلاد العالم الأول...إنها عضوة في حلف الناتو و تتمتع بسيادة قوية في العالم المتحضر و في الغرب، فقد تطاولت ايادي الإرهاب عليها بصورة عسكرية و دموية و اسباحت دماء أولادها بصورة عشوائية في ليلة حالكة الظلمة رأى المواطن الفرنسي بها الخوف و الرعب بأنواعه...و لكن أنظروا ماذا فعلت فرنسا بالمقابل...عززت الوجود العسكري في ربوع بلادها و زادت الوجود الأمني و رجال الشرطة، و أغلقت حدودها و أعلنت حالة الطوارئ في بلادها...كما أعلنت أن هذه حالة حرب عليها بصفة رسمية و عن طريق رئيس بلادها...اعلى سلطة سياسية و تشريعية في البلاد، فلم تتخذ هذه الإجراءات منذ الحرب العالمية الثانية...

لكل إجراء أتخذته فرنسا مغزى إستراتيجي و أمني لا يُسْتَهَانْ به، فإغلاق الحدود من شأنه منع تدفق اللاجئين و المسافرين الى فرنسا مما سيتيح المجال امام الأمن زيادة الإجراءات الأمنية بالموانئ البرية و البحرية و الجوية تحسبا لتدفق عناصر جديدة قد تنوي ارتكاب المنزيد من الجرائم على ترابها، كما سيتيح هذا الأمر للأجهزة المخابراتية و الأمنية ملاحقة اي مشتبه به من دون أن يتمكن من الهرب من البلاد...

التواجد العسكري في بلادها سيحمي منشأتها الحيوية من اية هجمات قد تنوي العناصر الإرهابية تدميرها لكي تسبب الأذى لها و لإقتصادها و لمؤسساتها الحساسة، كما ان إغلاق المحلات التجارية في هذه الفترة و المؤسسات المدنية عن العمل سيسهل عمل الشرطة كثيرا في السيطرة على أمن البلاد و الإمساك بأي مشتبه بهم عاونوا الإنتحاريين في عملهم لإرتكاب هذه الجرائم النكراء...فلن يكون هنالك تجمعات مدنية لضربها بسهولة، فالإنتحارية لا يفجر نفسه إلا بين التجمعات البشرية أو في الأماكن الحيوية ليحدث أكبر ضرر مادي ممكن لعدوه،   

إعلان حالة الطورائ متصل بصورة حثيثة مع إعلان الرئيس الفرنسي فرنسوا أولاند أن هذه الهجمات هي حرب تُشَنْ على بلاده، فأسلوب الردع سيتغير من شُرَطِيْ أمني الى عسكري...إعلان حالة الحرب على الجمهورية الفرنسية يعني أن قيادة الجيش الفرنسية تتخذ لنفسها كافة حقوق تطبيق قواعد الإشتباك مع العدو اينما وجد بصورة مطلقة، فبالرغم من أن تأمين فرنسا و ضواحي العاصمة باريس هو حاجة ملحة جدا إلا أن التصدي لكافة أعمال الإرهاب داخل الاراضي الفرنسية و خارجها قد يتضمن أن قواعد الإشتباك قد تطبق داخل فرنسا أو خارجها و عن طريق الشرطة و الجيش معا بناءا على نوع المعركة و تفاصيلها و ظروفها...فالشرطة مسؤلة عن تأمين الأمن داخل الاقاليم الفرنسية و لكن تأمين الأمن القومي الفرنسي هو من مسؤولية الجيش و هذا يعني أننا سنرى الجيش الفرنسي يتدخل بصورة كبيرة في المشهد العسكري خارج فرنسا و على التراب الفرنسي إن لزم الأمر...

يجب علينا كعرب فهمه أن هذه المفرقعات التي بين ايدينا من اسلحة لا ترتقي لتهديد كينونة الدول الكبيرة مثل الاعضاء الدائمين في الأمم المتحدة و الدول التي لها وزن استراتيجي و عسكري و اقتصادي بالمنطقة، فنحن نتكلم عن فرنسا التي تمتلك مفاتيح سياسية كثيرة و كبيرة و تستطيع التاثير على مجريات الأحداث بمنطقة الشرق الاوسط و العالم ان لزم الأمر...فهي عضو في مجموعة السبعة 
Group Of Seven
و هي مجموعة تتألف من وزراء التمويل و رؤساء البنوك المركزية لسبعة دول تتمتع بتطور صناعي كبير و بارز في عالم الإقتصاد و الصناعة، و هي تتمتع بمركز بسابع أكبر اقتصاد حول العالم و الثاني في المجموعة الأوروبية، عسكريا تعد فرنسا و إذا أخذنا بالحسبان كافة القدرات العسكرية الفرنسية من طيران حربي و قوة بحرية عسكرية و جيش و قدرات نووية و قدرات تصنيع عسكري...فإن فرنسا تُعَدْ من القوة العسكرية الكبيرة جدا حول العالم على الإطلاق، و هي عضوة في حلف الشمال الأطلسي نظرا لقدراتها العسكرية التي تمتلكها، فهل ستركع هذه القوة الكبيرة بسهولة؟ ألن تقول كلمتها في هذه المعركة مع من يطئ ترابها و يرتكب العمليات العدوانية بأبنائها؟ سؤال ستجيبنا عليه الايام المقبلة و مستقبل قريب قد يُحَوِلْ منطقة الشرق الأوسط التي ما إسْتَقَرًتْ يوم منذ إندلاع حرب الخليج الى ساحة صراع كبيرة، فهذه الجيوش لا تؤمن بالأسلحة التقليدية التي تمتلكها البلدان العربية و الفصائل الجهادية في سوريا و ليبيا و العراق و لبنان...فحينما تحارب تعتمد على خطط عسكرية موزونة جد و تأخذ بحسبانها أن لا تخسر الحروب حتى لو اضطرت الى إذابت عدوها أو تدميره بالكامل؟! 

CONVERSATION

0 comments:

إرسال تعليق