جـبـران خـلـيـل جـبران هـيـبة وعـنـوان ، يقـول عـن كارهه منافـق جـبان/ مايكـل سـيـﭘـي

قال ونـستـون ﭼـرﭼـل رئيس وزراء بريـطانيا السابق :
لا تـفاوِض القـرد إذا كان في الغـرفة المجاورة طبّال
وحـكى قـصة قـصيرة ، تـفـضلـوا إسمعـوها : 
ركـبتُ سيارة الأجـرة يوما متـوجها إلى مكـتب ( بي بي سي ) لإجـراء مقابلة ، وعـنـدما وصلتُ طلبتُ من السائـق أن ينـتـظرني 40 دقـيقة حـتى أعـود ....... إعـتـذر السائـق وقال : لا أستـطيع لأنّ عـليّ الـذهاب إلى الـبـيت كي أسمع خـطاب ونستـون ﭼـرﭼـل ........ ( يـبـدو أن السائق لم يعـرفه  )
وأضاف ﭼـرﭼـل قائلاً : لـقـد ذهـلتُ وفـرحـتُ من شوق هـذا الرجـل لـلإستماع إلى أقـوالي ، فأخـرجـتُ مبلغَ عـشرة جـنيهات وأعـطيتها له بكـل سرور ....... أما السائق عـنـدما رأى المبلغ قال : لـيـذهـب ونـستـون ﭼـرﭼـل وأقـواله إلى الجحـيم ، سأنـتـظرك ساعات حـتى تعـود !!! 
إذن : بالـفـلـوس ممكـن تـشـتـري ( بعـض ) الـشخـوص .... لا كـل الـنـفـوس .
******************
يولـد الإنـسان حـراً بريئاً لا يشعـر بالكـره ولا بالحـب ولا بالحـسـد ... سوى غـريـزة تـدفعه إلى البحـث عـن ثـدي أمه لـيشبع جَـوعه ، وبتـوالي الأيام تـرتـسم صوَر في ذهـنه وأفكار في مخـيلته ثم عادات وتـقالـيـد يكـتسبها من بـيئـته المحـيطة به مبتـدئاً بـين أفـراد عائـلته ثم إلى العالم خارج بـيته ، وبناءاً عـلى كـل ذلك تـتـبـلـور عـنـده مشاعـره ومبادئه فـتـكـوِّن شخـصيته ...... .    
الكـرة الـثـلجـية المتـدحـرجة تـنمو إلى حـد ما ، ثم تـبـدأ أجـزاء منها بالإنـفـصال عـنها لـتأتي غـيرها وتلـتـصق بها فـتـكـبـر وتـصغـر وقـد تـنـكـسر ، وتـتـكـرر العـملية ... هـكـذا كان لـنا أصدقاء منـذ أيام طـفـولـتـنا يتـزايـدون ويتـناقـصون وبمرور الزمن يتـناثـرون ، مثـلما يصعـد الـبعـض إلى الـقـطار وغـيرهم ينـزلـون ، وعـنـد المحـطة الأخـيرة يغادرون .
في حـياتـنا تعـرّفـنا عـلى كـثيرين متـنـوّعـين فـمنهم مَن صار درساً لـنا وآخـر إرشاداً لمسارنا وثالث شفاءاً لآلامنا ورابع أضاف خـبرة إلى معـلوماتـنا ، وهـكـذا رأينا مَن كان عـضيـداً لـنا في الـتـصدّي لمِحَـنِـنا ولهم نـقـدّم شـكـرنا ..... ولا أخـفي فهـناكَ مَن راوغ معـنا وغـيره زاغ عـنا وآخـر شاخ عـلـينا ، مصيرهم أشبه بأوراق يابسة متـساقـطة من أغـصان الشجـر عـلى الأرض فـصارت جـزءاً من تـرابها ، لـن نهـدر كـلمة في عـتابها .
هـناك نماذج أخـرى ، فهـذا يغار منا ونحـن بُـسطاء بـين أقـرانـنا ولا يمكـنه الإتيان بنـتاجـنا ، وآخـر يحـسـدنا دون أنْ يخـسر شيئاً بسبـبنا ، وثالث نمّام يغـتابنا زوراً لسبـبَـين (1) وشاية لأنه عاجـز عـن مقارعـتـنا (2) تملـقاً لـيقـتـرب أكـثر وأكـثر عـنـد إمامِنا الـذي ﮔـلـبه ﮔـلـب الـسـمـﭼـة ! ....... وهـذه تـقع ضمن مساوىء أبناء شعـبنا .   
غانـدي يقـول : ( لن أنـدم عـلى أي شخـص دخـل حـياتي ورحـل ... فالمخـلص أسعـدني ، والمسيء منحـني التجـربة ، والأسـوأ كان درساً لي .. أما الأفـضل فـلـن يتـركـني أبـداً ) فالأصدق هـو مَن ظلَّ معـك في كـل آنٍ وليس حـيناً وحـين كالمُـرائي ! فـليس الصديق ذلك الـذي يجالسك في الحـفلات يتجاذب أطراف الحـديث معـك بإبتـسامات ، وإنما هـو مَن يسنـد ظهـرك وقـت الأزمات ، وهـنا أتـذكـر المثـل الشائع الـذي بـدأ به المطران مار باوَي سـورو خـطابه بأمسية تـوديعه 8 آيار 2006 ( الصديق وقـت الضيق ) ! ونحـن بـدَورنا يشـرّفـنا أن نـكـون من أصدقائه مدى العـمر مؤيـدينه ، لا كـما إنـقـلـب عـليه الآخـرون بـين ليلة وضحاها ــ تخـتة ﭼُـرُّك ــ بل وصاروا يعادونه ..... إنهم أشبه بـ ( ﭼالي ) الـذي تغـنى به الشاعـر الشعـبي حـين قال : أمشي عْـلى ﭼالي الكـوت وإنـْهـدَم بيَّ !! .
قال جـبران خـليل جـبران : (( قـمة المتعة أن تجالس شخـصاً يكـرهـك ويغـتابـك كـثيراً ومع ذلك تجـده يـبـيّـن لك العـكـس ! وهـذا كافي لـيخـبـرك بأن حـضورك أمامه ، هـيـبة قادرة عـلى تحـويله إلى منافـق وجـبان )) .
إنّ آيات وردت في الكـتاب المقـدس : ( أعـداء الإنـسان أهـل بـيته ... والنبي لا يُـقـبَـل في وطـنه ) ..... صاغها المفـكـرون بتعابـير متـنـوعة ، فـقالـوا :
ربي أستـرني من أصدقائي أما أعـدائي فأنا أتكـفـل بهم .......... إذا أردت تحـريـر وطن ، ضع في مسـدسـك عـشر رصاصات ، تسعة منها لخـونة الـداخـل وواحـدة لـلـعـدو ، فـلولا الخـونة ما تجـرّأ عـلـيك عـدو الخارج ............ 
وقال كـونـفـوشيـوس : ( أنا لستُ حـزيناً لأن الناس لا تعـرفـني ولكـنـني حـزين لأني لا أعـرفهم ) .
وأخـيـراً إذا تـطـلـبتْ منـك الرياضيات يـوماً ــ بعـد مسح السـبّـورة ــ أنْ تـرسم عـليها إحـداثـيات متعامـدة لـتـبـدأ حـركـتـك من نـقـطة الصفـر مـركـزها وتـعـد أرقام خـطـواتـك الموجـبة ... فلا بأس ، ولكـن إنـتبه ! إنّ هـناك أرقاماً سالـبة قـبلها .

CONVERSATION

0 comments:

إرسال تعليق